وإما لاستيلاء الجوع البقريّ عليه، وهو جوع الأعضاء، مع شبّع المعدة،
عكس الشهوة الكلبية (?).
(وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا") قال في "النهاية": أي: لا يستجاب، ولا
يُعْتَدّ بها، فكأنها غير مسموعة، يقال: اسمع دعائي؛ أي: أجبه؛ لأن غرض
السائل الإجابة والقبول. انتهى (?).
وقال الطيبيّ: الضمير في "لها" عائد إلى الدعوة، واللام زائدة، وفي
رواية: "ومن دعاء لا يسمع"، وفي أخرى: "ومن هؤلاء الأربع"، ودلّ الحديث
على أن السجع إذا كان على وِفق الطبع من غير تكلّف فلا مَنْع. انتهى (?).
وقال المناويّ رحمه الله: "اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من قلب لا يخشع"
لذكر الله عز وجل، ولا لاستماع كلامه، وهو القلب القاسي الذي هو أبعد القلوب
من حضرة علام الغيوب، "ومن دعاء لا يسمع"؛ أي: لا يستجاب، ولا يُعتدّ
به، فكأنه غير مسموع، "ومن نفس لا تشبع" مِن جَمْع المال أشَرًا، وبطَرًا، أو
من كثرة الأكل الجالبة لكثرة الأبخرة الموجبة للنوم، وكثرة الوساوس،
والخطرات النفسانية المؤدية إلى مضارّ الدنيا والآخرة، "ومن علم لا ينفع"؛
أي: لا يُعمَل به، أو لا يهذِّب الأخلاق الباطنة، فيسري إلى الأفعال الظاهرة،
"أعوذ بك من هؤلاء الأربع"، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [18/ 6882] (2722)، و (الترمذيّ) في
"الدعوات" (3572)، و (النسائيّ) في "المجتبى" (5460 و 5540) و"الكبرى"
(7895)، و (أحمد) في "مسنده" (4/ 371)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (6/
17)، و (الطبريّ) في "تهذيب الآثار" (2/ 585)، و (عبد بن حميد) في "مسنده"