وقال التوربشتيّ: "أسحر"؛ أي: دخل في وقت السحر، وقيل: إذا سافر

إلى وقت السحر، وعلى الأول معنى الحديث؛ لأنه أعمّ، ثم إنه كان يقصد

بذلك الشكر على انقضاء ليلته بالسلامة، ويراقب فضيلة الوقت، فإنه من

ساعات الذِّكر.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "فأسحر"؛ أي: استيقظ في السحر، أو خرج في

السحر، والسحر: آخر الليل (?).

(يَقُولُ: "سَمَّعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللهِ) رُوي سَمّع بفتح الميم، وتشديدها، من

التسميع، بمعنى الإسماع للغير، كذا ضبطه القاضي عياض، وصاحب

"المطالع"، وأشار إلى أنه رواية أكثر رواة مسلم، قالا: ومعناه: بَلَّغَ سامعٌ

قولي هذا لغيره، وقال مثله تنبيهاً على الذكر في السحر، والدعاء في ذلك،

ورُوي بكسر الميم، وتخفيفها، من السمع، وكذا ضبطه الخطابيّ وآخرون، قال

الخطابيّ: معناه: شَهِد شاهدٌ، وهو أمْر بلفظ الخبر، يريد به الإشهاد على ما

يقوله، وحقيقته ليسمع السامع على حمدنا لله - سُبْحَانهُ وَتَعالى - على نِعَمه، وحسن بلائه.

انتهى (?)، فعند الخطابيّ هو خبر بمعنى الأمر، وقال التوربشتيّ: الذهاب فيه

إلى الخبر أقوى؛ لظاهر اللفظ، والمعنى: أن من كان له سمعٌ فقد سَمِع بأنّا

نحمد الله تعالى، وإفضاله علينا، وإن كلا الأمرين قد اشتهر، واستفاض، حتى

لا يكاد يخفى على ذي سمع، وأنه لا انقطاع لأحد الأمرين. انتهى (?).

وقال القاري: "سامعٌ" نكرة قُصد به العموم، كما في تمرةٌ خير من

جرادة.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "سمّع سامع بحمد الله، وحسن بلائه" وجدته

في كتاب شيخنا أبي الصبر أيوب: "سَمَّعَ" بفتح السين، والميم، وتشديدها،

قال القاضي: أي: بَلَّغ من سمع قولي.

وقيّده الخطابيّ: "سَمِعَ سامعٌ": بفتح السين، وكسر الميم، وتخفيفها،

وهكذا أذكر أني قرأته؛ أي: استمع سامع، وشَهِد شاهد بحمدنا ربنا على نِعمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015