الملائكة لا تموت، ولا حجة فيه؛ لأنه مفهوم لَقَب، ولا اعتبار له، وعلى
تقديره، فيعارضه ما هو أقوى منه، وهو عموم قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا
وَجْهَهُ} [القصص: 88] مع أنه لا مانع من دخولهم في مسمى الجنّ؛ لجامع ما
بينهم من الاستتار عن عيون الإنس (?). انتهى.
وقال القاري - رَحِمَهُ اللهُ -: "اللَّهُمَّ لك"؛ أي: لا لغيرك، "أسلمت"؛ أي: انقدت
انقياداً ظاهراً، "وبك آمنت"؛ أي: صدّقت تصديقاً باطناً، "وعليك توكلت"؛ أي:
اعتمدت في أموري أولاً وآخراً، أو معناه: أسلمت جميع أموري لتُدبِّرها، فإني لا
أملك نفعها، ولا ضرّها، "وبك آمنت"؛ أي: بتوفيقك آمنت بجميع ما يجب
الإيمان به، "وعليك توكلت" في سائر أموري، "وإليك أنبت"؛ أي: رجعت من
المعصية إلى الطاعة، أو من الغفلة إلى الذكر، أو من الغيبة إلى الحضور،
"وبك"؛ أي: بإعانتك "خاصمت"؛ أي: حاربت أعداءك. "اللَّهُمَّ إني أعوذ
بعزتك"؛ أي: بغلبتك، {فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء: 139]، "لا إله إلا إنت"؛
أي: فلا معبود بحقّ إلا أنت، ولا سؤال إلا منك، ولا استعاذة إلا بك، "أن
تُضلني" متعلق بـ"أعوذ"، وكلمة التوحيد معترضة لتأكيد العزة؛ أي: أعوذ من أن
تضلني بعد إذ هديتني، ووفقتني للانقياد الظاهر والباطن في حكمك، وقضائك،
وللإنابة إلى جنابك، والمخاصمة مع أعدائك، والالتجاء في كل حال إلى عزتك،
ونُصرتك، وفيه إيماء إلى قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران:
8]، "أنت الحيّ الذي لا يموت" بالغيبة، وفي الحصن: "أنت الحيّ لا تموت"
بالخطاب، وبدون الموصول، وفيه تأكيد العزّة أيضاً. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [18/ 6875] (2717)، و (البخاريّ) في "صحيحه"