وخرّج الحاكم من حديث سلمان؛ أنه كان في عصابة، يذكرون الله
تعالى، فمَرّ بهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "ما كنتم تقولون؟ فإني رأيت الرحمة
تنزل عليكم، فأردت أن أشارككم فيها".
وخرّج البزار من حديث أنس -رضي الله عنه- عن النبيّ-صلى الله عليه وسلم- قال: "إن لله سيّارة من
الملائكة، يطلبون حِلَق الذكر، فإذا أتوا إليهم حَفّوا بهم، ثم بَعَثُوا رائدهم إلى
السماء، إلى رب العزة تعالى، فيقولون: ربنا أتينا على عباد من عبادك يعظمون
آلاءك، ويتلون كتابك، ويصلّون على نبيّك، ويسألونك لآخرتهم ودنياهم،
فيقول الله تعالى: غَشُّوهم برحمتي، فيقولون: ربنا إن فيهم فلانًا الخطّاء، إنما
اعتنقهم اعتناقًا، فيقول تعالى: غَشُّوهم برحمتي، فهم الجلساء لا يشقى بهم
جليسهم" (?).
والثالث: أن الملائكة تحُفّ بهم، وهذا مذكور في الأحاديث التي
ذكرناها، وفي حديث أبي هريرة المتقدم: "فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء
الدنيا"، وفي رواية الإمام أحمد: "علا بعضهم على بعض، حتى يبلغوا
العرش".
وقال خالد بن معدان، يرفع الحديث: "إن ملائكة في الهواء يسيحون بين
السماء والأرض، يلتمسون الذكر، فإذا سمعوا قوماً يذكرون الله تعالى، قالوا:
رُويدًا- زادكم الله- فينشرون أجنحتهم حولهم، حتى يصعد كل منهم إلى
العرش".
خرَّجه الخلال في "كتاب السُّنَّة".
والرابع: أن الله يذكرهم فيمن عنده، وفي "الصحيحين" عن أبي
هريرة زحبه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يقول الله: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه
حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته
في ملأ خير منهم".