وهذه الخصال الأربع لكل مجتمعِين على ذكر الله تعالى، كما في
"صحيح مسلم" عن أبي هريرة، وأبي سعيد، كلاهما عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن
لأهل ذكر الله تعالى أربعًا: تنزل عليهم السكينة، وتغشاهم الرحمة، وتَحُفّ بهم
الملائكة، ويذكرهم الرب فيمن عنده" (?).
وقد قال الله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152].
وذِكر الله لعبده هو ثناؤه عليه في الملأ الأعلى بين ملائكته، ومباهاته به،
وتنويهه بذكره.
قال الربيع بن أنس: إن الله ذاكر مَن ذكره، وزائد مَن شكره، ومعذب
مَن كَفَره، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً
وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}
[الأحزاب: 41 - 43]، وصلاة الله على عبد هي ثناؤه عليه بين ملائكته، وتنويهه
بذكره، كذا قال أبو العالية، ذكره البخاريّ في "صحيحه".
وقال رجل لأبي أُمامة: رأيت في المنام كأن الملائكة تصلي عليك،
كلما دخلت، وكلما خرجت، وكلما قمت، وكلما جلست، فقال أبو أمامة:
وأنتم أَبُو شئتم صلّت عليكم الملانكة، ثم قرأ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا
كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ}، خرّجه
الحاكم.
(المسألة الحادية عشرة): قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ومن أبطا به عمله لم يُسرع به نسبه"
معناه: أن العمل هو الذى يبلغ بالعبد درجات الآخرة، كما قال تعالى:
{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [الأنعام: 132]، فمن أبطأ به عمله أن يبلغ به
المنازل العالية عند الله تعالى، لم يسرع به نسبه، فيبلغه تلك الدرجات، فمان الله
تعالى رتَّب الجزاء على الأعمال، لا على الأنساب، كما قال تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ