"صحيح البخاريّ" هنا في جميع الروايات، إلا أن تكون خارج الصحيح، ولم

يُخْرِج البخاريّ الحديث المذكور عن أبي معاوية أصلاً، وإنما أخرجه من طريقه

الترمذيّ، وزاد ابن أبي الدنيا، والطبرانيّ في رواية جرير: "فُضْلاً عن كُتّاب

الناس" (?)، ومثله لابن حبان، من رواية فضيل بن عياض، وزاد: "سياحين في

الأرض"، وكذا هو في رواية أبي معاوية، عند الترمذيّ، والإسماعيليّ، عن

كتاب الآبديّ، ولمسلم من رواية سهيل، عن أبيه: "سيّارةً فُضْلاً". انتهى (?).

(يَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذكْرِ) وفي رواية البخاريّ: "يطوفون في الطُّرُق يلتمسون

أهل الذكر"، وفي حديث جابر بن أبي يعلى: "إن لله سرايا من الملائكة،

تَقِف، وتَحُلّ بمجالس الذكر في الأرض". (فَمِاذَا وَجَدُوا مَجْلِساً فِيهِ ذِكْرٌ) وفي

رواية البخاريّ: "فماذا وجدوا قوماً"، وفي رواية فضيل بن عياض: "فإذا رأوا

قوماً".

قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "فإذا وجدوا مجلساً فيه ذكر ... إلخ"؛ يعني:

مجالس العلم والتذكير، وهي المجالس التي يُذكر فيها كلام الله، وسُنّة

رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأخبار السلف الصالحين، وكلام الأئمة الزهّاد المتقدِّمين، المبرأة

عن التصنع والبدع، والمنزَّهة عن المقاصد الرديئة، والطمع، وهذه المجالس

قد انعدمت في هذا الزمان، وعُوِّض منها الكذب والباع، ومزامير الشيطان -نعوذ

بالله تعالى من حضورها-، ونسأله العافية من شرورها. انتهى (?).

(قَعَدُوا مَعَهُمْ)؛ أي: مع القوم الذين وجدوهم في مجلس الذكر، وفي

رواية البخاريّ: "فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم"،

وفي رواية أبي معاوبة: "بُغيتكم".

وقوله: "هلموا" على لغة أهل نجد، وأما أهل الحجاز، فيقولون

للواحد، والاثتين، والجمع: هَلُمَّ، بلفظ الإفراد.

(وَحَف) بفتح أوله، وتشديد الفاء، من باب نصر؛ أي: أحاط (بَعْضُهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015