كسحاب ينقشع عن ضوء القمر، ومن لم يُمنح ذلك، فصدره مظلم؛ لِمَا أتت
به النفس من داخل شهواتها، والعبد ملوم على تقوية الشهوات من استعمالها،
فإذا استعملها فقد قوّاها، ككانون كلما ألقيت فيه حطباً ازداد لَظاً، ودخاناً.
انتهى (?).
وقوله: (وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي) المراد بالمعيّة هنا هي المعيّة الخاصة
بالمؤمنين، وهي معيّة العون، والنصر، والتوفيق، والقبول، والرضى، {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]، {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46].
يعني: أن الله تعالى مع الداعي، يسمع دعاءه، ويستجيب له، ويُنيله
مطلوبه، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّلَ الكتاب قال:
[6806] ( ... ) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى
-يَعْنِي: ابْنَ سَعِيدٍ- وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ -وَهُوَ التَّيْمِيُّ- عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "قَالَ اللهُ -عَلَيْهِ السَّلامُ-: إِذَا تَقَرَّبَ عَبْدِي مِنِّي
شِبْراً، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعاً، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعاً، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعاً -أَوْ بُوعاً- وَإِذَا
أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً").
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) القطّان الناقد المشهور، تقدّم قريباً.
2 - (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ) محمد بن إبراهيم بن أبي عديّ، وقد يُنسب لجدّه، أبو
عمرو البصريّ، ثقة [9] (194) على الصحيح (ع) تقدم في "الإيمان" 6/ 128.
3 - (سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ) ابن طرخان، أبو المعتمر البصريّ، تقدّم قريباً.
والباقون ذُكروا في الباب، والبابين الماضيين
قال الجامع عفا الله عنه: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه، وقد