بشيء، فبادِر لِأَخْذه، وتبشبش له بشبشة من سُرّ به، ووقع منه الموقع، ألا ترى
قوله: "وإن أتاني يمشي أتيته هرولة"، وفي لفظ آخر: "أسرعت إليه"، ولا
تتقدّر الهرولة والإسراع بضعفي المشي، وأما عدد الأضعاف، فيؤخذ من موضع
آخر، لا من هذا الحديث، والله أعلم. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: الحقّ أن ما تضمّنه هذا الحديث من ذِكر
التقرّب، والمشي، والهرولة على ظاهره حسبما يقتضيه سياق الكلام، ومعلوم
أن المشي المضاف للعبد، والهرولة المضافة إلى الله -سبحانة وتعالي- ليس المراد به قطع
المسافة، بل مزيد التقرّب.
والحاصل: أن الله -سبحانة وتعالي- يتقرّب من عبده متى شاء، وكيف شاء، وذلك
مما يدلّ عليه اسمه "القريب"، فهو -سبحانة وتعالي- قريبٌ من داعيه، وعابديه، ويقرّب من
يشاء من عباده، وهذا لا يُشْكِل على مذهب أهل السُّنَّة والجماعة القائلين
بمباينة الله -عز وجل- لخلقه، وأن بعض خَلْقه أقرب إليه من بعض، وإنما يُنكر ذلك،
ويستشكله نفاة علوّ الله تعالى من الأشاعرة وغيرهم (?)، فافهم الحقيقة، ولا
تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [1/ 6781 و 6782 و 6783] (2675)،
و(البخاريّ) في "التوحيد" (7537 و 7405) وفي "خلق أفعال العباد" (ص 85)،
و(الترمذيّ) في "الدعوات" (3603)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (4/ 12 4)،
و(ابن ماجه) في "الأدب" (3822)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 251 و 413
و516 و 517 و 524 و 534 و 535)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (376 و 811
و812)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (2/ 413)، والله تعالى أعلم.