(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): إثبات القول لله تعالى، وأنه يتكلّم إذا شاء بما شاء، ويكلّم
من شاء إذا شاء.
2 - (ومنها): إثبات النَّفْس لله تعالى على ما يليق بجلاله -سبحانة وتعالي-.
3 - (ومنها): بيان أن الجزاء من جنس العمل.
4 - (ومنها): بيان فضل الله تعالى، وعظيم كرمه على عباده حيث يجزيهم
بضُعْفَي ما عملوا، {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21].
5 - (ومنها): أن الشيخ البراك كتب تحقيقًا نفيسًا عند قول صاحب
"الفتح": "ذكرته في نفسي": ذكرته بالثواب والرحمة سرًّا، ونقل عن ابن أبي
جمرة في قوله: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}: أذكركم بالإنعام، فقال البرّاك: والذكر من
حيث هو يكون بالقول والفعل، وهو في مثل هذا السياق أظهر في القول، بل
حَمْله عليه في هذا الحديث متعيّن؛ لقوله: "في نفسه ... في نفسي"، وقوله:
"في ملأ ... في ملأ خير منهم"، فبان بذلك أن الله تعالى يذكر عبده بكلام في
نفسه؛ أي: دون أن يُعلِم بذلك أحدًا من ملائكته، وقد يذكره بشهود من شاء
من ملائكته، مثلُ ثنائه عليه، والإخبار بأنه يحبّه، كما في الحديث المشهور:
"إذا أحبّ الله عبدًا نادى جبريل إن الله يحبّ فلانًا، فأحبّه ... " وبهذا يتبيّن
أن تأويل ذِكر الله لعبده بالرحمة والثواب، أو الإنعام صَرْف للكلام عن ظاهره
بلا حجة، وكأن الذي قال ذلك يذهب إلى أن الله تعالى لا يتكلّم بكلام حقيقيّ
يُسمعه إذا شاء لمن شاء من عباده، وهذا موجَب مذهب الأشاعرة في
كلام الله-سبحانة وتعالي-، وهو أنه معنى نفسيّ، ليس بحرف، ولا صوت، فلا يُتصوّر
سماعه منه، وهو ظاهر الفساد. انتهى كلام البرّاك (?)، وهو تحقيق نفيس جدًّا،
والله تعالى أعلم.
(المسألة الرابعة): في اختلاف العلماء في تفضيل الملائكة على البشر،
وعكسه:
قال ابن بطال: هذا الحديث نصّ في أن الملائكة أفضل من بني آدم،