ينقطع إثم دلالته بتوبته؛ لأن التوبة تجبّ ما قبلها، أو لا؟ لأن شرطها ردّ
الظلامة، والإقلاعُ، وما دام العمل بدلالته موجودًا فالفعل منسوب إليه، فكأنه
لم يردّ، ولم يُقلع، كل مُحْتَمِلٌ، ولم أر في ذلك نقلًا، والمنقدح الآن الثاني.
انتهى.
وتعقّبه القاري، فقال: والأظهر الأول، وإلا فيلزم أن نقول بعدم صحة
توبته، وهذا لم يقل به أحد، ثم ردّ المظالم مقيدٌ بالممكن، وإقلاع كل شيء
بحسبه حتمًا، وأيضًا استمرار ثواب الأتباع مبنيّ على استدامة رضا المتبوع به،
فإذا تاب، ونَدِم انقطع، كما أن الداعي إلى الهدى إن وقع في الردى -نعوذ
بالله منه- انقطع ثواب المتابعة له، وأيضًا كان كثير من الكفار دُعاةً إلى
الضلالة، وقُبِل منهم الإسلام؛ لِمَا أن الإسلام يَجُبّ ما قبله، فالتوبة كذلك،
بل أقوى، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله القاري هو الذي يظهر لي؛ لوضوح
حجّته، وأستنار محجّته.
وخلاصته: أن من تاب من الدعاء إلى الإثم، وحَسُنت توبته، لا يُشترط
ترك المدعوّين تلك الضلالة، ولكن ينبغي له أن يقوم بدعوتهم إلى الهدى، كما
دعاهم إلى الضلالة، إن استطاع ذلك، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رحمه الله-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [6/ 6780] (2674)، و (أبو داود) في "السُّنَّة"
(4609)، و (الترمذيّ) في "العلم" (2674)، و (ابن ماجه) في "المقدّمة"
(206)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 397)، و (الدارميّ) في "سننه" (1/ 130
و131)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (112)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَة"
(109)، والله تعالى أعلم.