أَبُو هُرَيْرَةَ يَلِيهِ ابْنُ عُمَرْ ... فَأنَسٌ فَزَوْجَةُ الْهَادِي الأَبَرّ

ثُمَّ ابنُ عَبَّاسٍ يَلِيهِ جَابِرُ ... فَبَعْدَهُ الْخُدْرِيُّ فَهْوَ آخِرُ

وقد تقدّم هذا كلّه غير مرّة، وإنما أعدته تذكيرًا؛ لطول العهد به، وبالله

تعالى التوفيق.

شرح الحديث:

(عَنْ عَائِشَةَ) أم المؤمنين - رضي الله عنها -؛ أنها (قَالَتْ: تَلَا)؛ أي: قرأ

(رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ) زاد في رواية ابن ماجه: "هذه الآية"، فاسم الإشارة مفعول

"تلا"، وعلى هذه الرواية يكون المفعول قوله: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ} الآية؛ لأن

المراد لفظه. (" {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ}) قال الإمام ابن

كثير -رحمه الله-: يُخبر الله -سبحانه وتعالى- أن في القرآن آيات محكمات، هُنَّ أم الكتاب؛ أي:

بيناتٌ واضحاتُ الدلالة، لا التباس فيها على أحد، ومنه آيات أُخَر فيها اشتباه

في الدلالة على كثير من الناس، أو بعضهم، فمَن رَدَّ ما اشتبه إلى الواضح

منه، وحَكَّمَ مُحْكَمه على متشابهه عنده، فقد اهتدى، ومن عكس انعكس،

ولهذا قال تعالى: ({هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ})؛ أي: أصله الذي يُرْجَع إليه عند الاشتباه.

وقال الطيبيّ -رحمه الله-: سُمّيت أم الكتاب لأنها بيّنة في نفسها، مبيّنة لِمَا

عداها من المتشابهات، فهي كالأصل لهما، كما سُمّيت مكة أم القرى لدَحْوِ

الأرض منها. انتهى (?).

({وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ})؛ أي: تَحْتَمِل دلالتها موافقة المحكم، وقد تَحتَمِل

شيئأ آخر من حيث اللفظ والتركيب، لا من حيث المراد.

وقد اختَلَفوا في المحكم والمتشابه على أقوال، سيأتي بيانها في المسألة

الرابعة إن شاء الله تعالى.

[فائدة]: قوله: إنما لم تُصرَف "أُخَرُ"؛ لكونها عُدِلت عن الألف واللام؛

لأن أصلها أن تكون صفة بالألف واللام، كالكُبَر والصُّغَر، فلمّا عُدلت عن

مجرى الألف واللام، مُنِعت الصرف. وقال أبو عبيد: لم يَصرفوها؛ لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015