وقته؛ لموته قبل التكليف، فضلًا عن عمله، والتأسيس أَولى، ومع إفادة
المبالغة أحرى. قاله القاري.
قال العلامة القرطبيّ -رحمه الله-: إنما قالت عائشة لهذا؛ لأنها بَنَت الأمرَ على
أن كلّ مولود يولد على فطرة الإسلام، وأن الله تعالى لا يعذّب حتى يبعث
رسولأ، فحَكَمَت بذلك، فأجابها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بما ذكر. انتهى (?).
(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَوَ غيْرَ ذَلِكِ؟ ) بفتح الواو، ورفع "غيرُ"، وكسر الكاف، قال
القاري: هو الصحيح المشهور من الروايات، والتقدير: أتعتقدين ما قلتِ؟ ،
والحقّ غيرُ ذلكِ، وهو عدم الجزم بكونه من أهل الجنّة، فالواو للحال.
وفي "الفائق" للزمخشريّ: الهمزة للاستفهام؛ أي: الإنكاريّ، والواو
وعاطفة على محذوف، و"غيرُ" مرفوع بعامل مضمر، تقديره: أقلتِ هذا؟ ووقع
غير ذلك. ويجوز أن تكون "أو" بسكون الواو التي هي لأحد الأمرين؛ أي:
الواقع هذا أو غيرُ ذلك. وقيل: التقدير: أو هو غير ذلك. ورُوي بنصب
"غيرَ"؛ أي: أو يكون غيرَ ذلك، أو التقدير: أو غير ما قلتِ. قاله القاري (?).
وقال الطيبيّ: ويجوز أن تكون "أو" بمعنى "بل"، أنشد الجوهريّ [من
الطويل]:
بَدَتْ مِثْلَ قَرْنِ الشَّمْسِ فِي رَوْنَقِ الضُّحَى ... وَصُورَتُهَا أوْ أَنْتِ فِي الْعَيْنِ أَمْلَحُ
يريد: بل أنت، وقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147)} [الصافات: 147] أي: بل يزيدون، كأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يَرتَضِ قولها - رضي الله عنها -، فاضرب
عنه، وأثبت ما يُخالفه؛ لِمَا فيه من الحكم بالغيب، والجزم بتعيين إيمان أبوي
الصبيّ، أو أحدهما؛ إذ هو تبعٌ لهما، ومرجع معنى الاستفهام إلى هذا؛ لأنه
لإنكار الجزم، وتقرير لعدم التعيين.
ولعلّ الرّدّ كان قبل إنزال ما أنزل عليه في وِلدان المؤمنين. انتهى.
[فائدة مهمّة]: ذكر القاضي عياض -رحمه الله- في "المشارق" بحثًا مهمًّا يتعلّق
بـ"أَوْ"، و"أَوَ"، فقال:
[فصل]: في "أَوْ كذا" بالإسكان، "وأَوَ كذا" بالفتح.