قيل من التفسير يُسدّد قول النحويين: إنها فُعلَى من الطّيب. ورُوي عن سعيد بن
جبير أنه قال: طوبى اسم الجنّة بالحبشيّة. وقال عكرمة: طوبى لهم: معناه
الحسنى لهم. وقال قتادة: طوبى كلمة عربيّة، تقول العرب: طوبى لك إن
فعلت كذا وكذا؛ وأنشد [من الطويل]:
طُوبَى لِمَنْ يَسْتَبْدِلُ الطَّوْدَ بِالْقُرَى ... وَرِسْلًا بِيَقْطِينِ الْعِرَاقِ وَفُومِهَا
"الرّسْلُ": اللَّبَن، و"الطَّوْدُ": الجبلُ، و"اليَقْطِينُ": القَرْعُ، وقال أبو
عبيدة: كلّ ورقة اتّسعت، وسترت فهي يَقْطِين. و"الْفُومُ": الخبز، والحنطة،
ويقال: هو الثُّوم. وفي الحديث: "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود كما بدأ
غريبًا، فطوبى للغرباء" (?). طوبى اسم الجنّة، وقيل: شجرة فيها، وأصلها
فُعْلَى من الطيب، فلما ضُمَّت الطاء، انقلبت الياء واوًا. وفي الحديث:
"طوبى للشام؛ لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها" (?). والمراد بها
ههنا: فُعلَى من الطّيب، لا الجنّة، ولا الشجرة. انتهى كلام ابن منظور
ببعض اختصار (?).
(عُصْفُورٌ) خبر لمحذوف؛ أي: هو عصفور؛ أي: طير صغير، والعصفور
بضم العين المهملة، على المشهور، وقد تُفتح، وأنكر الفتح بعضهم، طائر
معروف، ذَكَر، والأنثى بالهاء، قيل: سُمّي بذلك لأنه عصى، وفَرّ (?).
(مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ)؛ أي: هو مثلها، من حيث إنه لا ذَنْب عليه، وينزل
في الجنة حيث يشاء. قال ابن الملك: شبّهته بالعصفور كما هو صغير، إما
بالنسبة إلى ما هو أكبر منه من الطيور، وإما لكونه خاليًا من الذنوب من عدم
كونه مكلّفًا. انتهى.
قال القاريّ: والأظهر الثاني، فهو تشبيه بليغ، وما قيل: من أن هذا ليس