الثانية، من باب ضرب، والواو فاعل، و"الإبل" منصوب على المفعوليّة، وقال
وليّ الدين -رحمه الله-: قوله: "تُنْتَجُون" بضم أوله، وإسكان ثانيه، وفتح ثالثه،
وقوله: "الإبلَ" منصوب على المفعولية، وهذا الفعل مبنيّ للفاعل، وإن كانت
صيغته صيغة المبنيّ للمفعول، وقول أبي العباس القرطبيّ: إنه مبنيّ لِمَا لم يُسَمّ
فاعله، إن أراد في الصورة، والا فهو وَهَمٌ، فقد ذُكر فاعله معه. انتهى (?).
(فَهَلْ تَجِدُونَ فِيهَا جَدْعَاءَ)؛ أي: مقطوعة الأذن، (حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ
تَجْدَعُونَهَا؟ ") من باب نفع؛ أي: تقطعون أُذُنها، (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أفَرَأَيتَ)؛
أي: أخبرنا، فهو من إطلاق السبب على المسبَّب؛ لأن مشاهدة الأشياء طريق
إلى الإخبار عنها، والهمزة فيه مقرّرة؛ أي: قد رأيت ذلك، فأخبرنا (?)، (مَنْ
يَمُوتُ صَغِيرًا)؛ أي: ماذا حكمه، أهو من أهل الجنّة، أم من أهل النار؟ .
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "أفرأيت من يموت صغيرًا": هذا السؤال إنما
كان عن أولاد المشركين، كما جاء مفسّرًا من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، فأمَّا
أولاد المؤمنين، فقد تقدم الاستدلال على أنهم في الجنة، وأما أطفال
المشركين فاختُلف فيهم على ثلاثة أقوال (?): فقيل: في النار مع آبائهم، وقيل:
في الجنة، وقيل: تؤجّج لهم نار، ويؤمرون بدخولها، فمن أطاع منهم دخل
الجنة، ومن عصى منهم دخل النار. وذهب قوم -وأحسبهم من غير أهل السُّنَّة-
فقالوا: يكونون في برزخ.
وسبب اختلاف الثلاثة الأقوال: اختلاف الآثار في ذلك، ومخالفة
بعضها لظاهر قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]،
والصبيّ والمجنون لا يفهمون، ولا يخاطبون، فهم كالبهائم، فلم يُبعث إليهم
رسول، فلا يعذَّبون.
والحاصل من مجموع ذلك- وهو: القول الحقّ الجاري على أصول أهل
الحقّ-: أن العذاب المترتب على التكليف لا يعذَّبه من لم يكلّف، ثم لله