شرح الحديث:

(عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ) الأبناويّ اليمنيّ؛ أنه (قَالَ: هَذَا) مبتدأ، وهو إشارة

إلى ما تضمّنته "صحيفته" المشهورة من الأحاديث، وعدّتها (138) حديثًا. (مَا

حَدَّثَنَا) "ما" اسم موصول خبر المبتدأ، (أَبُو هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،

فَذَكَرَ)؛ أي: همّام، (أَحَادِيثَ) وقد مرّ عَدَدُها آنفًا، وقوله: (مِنْهَا) خبر مقدّم

لقوله: (وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ) لأنه مبتدأ مؤخّر محكيّ؛ لِقَصْد لفظه ("مَنْ يُولَدُ)

"من" اسم موصول مبتدأ خبره قوله: (يُولَدُ عَلَى هَذِهِ الْفِطْرَةِ) بكسر الفاء، هي

في اللغة: الْخِلقة، والمراد بها هنا ما يراد في الآية الشريفة، وهي الدِّين؛ لأنه

قد اعتَوَرها البيان من أول الآية، وهو: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ}، ومن آخرها

وهو: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} (?).

(فَأَبوَاهُ) الفاء إما للتعقيب، وهو ظاهر، وإما للتسبب؛ أي: إذا تقرر ذلك

فمن تغيَّر كان بسبب أبويه، وقوله: (يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ) معناه: أنهما يعلّمانه ما

هو عليه، ويصرفانه عن الفطرة، وَيحْتَمِل أن يكون المراد: يُرَغِّبانه في ذلك، أو

أن كونه تبعًا لهما في الدين بولادته على فراشهما يوجب أن يكون حكمه

حكمهما، وقيل: معنى "يهودانه": يُحكم له بحكمهما في الدنيا، فإن سبقت له

السعادة أسلم إذا بلغ، وإلا مات على كفره، وإن مات قبل بلوغه فالصحيح أنه

من أهل الجنة، وقيل: لا عبرة بالإيمان الفطريّ في أحكام الدنيا، إنما يُعتبر

الإيمان الشرعيّ المكتسب بالإرادة، والفعل، وطفل اليهودِيَّيْن مع وجود الإيمان

الفطريّ محكوم بكفره في الدنيا تبعًا لوالديه.

قال الكرمانيّ -رحمه الله-: [فإن قلت]: الضمير في "أبواه" راجع إلى كل

مولود؛ لأنه عامّ فيقضي تهويد كل المواليد، أو نحوه، وليس الأمر كذلك،

لبقاء البعض على فطرة الإسلام.

[قلت]: الغرض من التركيب: أن الضلالة ليست من ذات المولود،

ومقتضى طبعه، بل أينما حصلت فإنما هي بسبب خارج عن ذاته. انتهى (?).

(كمَا تَنْتِجُونَ الإِبِلَ) ضُبط في النُّسخ بالقلم بفتح التاء الأُولى، وكسر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015