تعالى أن يعذِّب من شاء ابتداء من غير تكليف، من صبيّ أو مجنون، أو غير

ذلك بحكم المالكية، وأنه لا حَجْر عليه، ولا حكم، فلا يكون ظالمًا بشيء

من ذلك إن فعله، كما قررناه في الباب قبل هذا، وعلى هذا يدلّ قوله - صلى الله عليه وسلم - في

حديث عائشة - رضي الله عنهما -: "إن الله خلق للجنة أهلًا، وهم في أصلاب آبائهم، وخلق

للنار أهلًا، وهم في أصلاب آبائهم"، وقد قدّمنا أن الأعمال معرّفات، لا

موجبات. انتهى (?).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ") قال القرطبيّ -رحمه الله-: معناه: الله

أعلم بما جَبَلَهم عليه، وطَبَعهم عليه، فمن خلقه الله تعالى على جبلّة المطيعين

كان من أهل الجنة، ومن خلقه الله على جبلّة الكفار من القسوة والمخالفة،

كان من أهل النار، وهذا كما قال في غلام الخضر: "طُبع يوم طبع كافرًا"،

وهذا الثواب والعقاب ليس مرتبًا على تكليف، ولا مرتبطًا به، وإنما هو بحكم

علمه ومشيئته.

وأما من قال: إنهم في النار مع آبائهم، فمعتمَده قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هم من

آبائهم"، ولا حجَّة فيه لوجهين:

أحدهما: أن المسألة علمية، وهذا خبر واحد، وليس نصًّا في الغرض.

وثانيهما: سلّمناه، لكنا نقول ذلك في أحكام الدنيا، وعنها سئل، وعليها

خرج الحديث، وذلك أنهم قالوا: يا رسول الله إنا نبيّت أهل الدار من المشركين،

وفيهم الذراري؟ فقال: "هم من آبائهم"؛ يعني: في جواز القتل في حال التبييت،

وفي غير ذلك من أحكام آبائهم الدنيوية، والله تعالى أعلم. انتهى (?).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله في الباب،

ولله الحمد والمنّة.

وبالسند المتّصل إلى المؤئف: -رحمه الله- أوّلَ الكتاب قال:

[6738] ( ... ) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ- يَعْنِي:

الدَّرَاوَرْدِيَّ- عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "كُلُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015