رَتَّب أيضًا أحاديث هذا الباب ترتيبًا يشير إلى المذهب المختار، فإنه صدّره
بالحديث الدالّ على التوقف- وهو حديث: "الله أعلم بما كانوا عاملين" - ثم
ثنى بالحديث المرجِّح لكونهم في الجنة -وهو حديث الفطرة- ثم ثلّث
بالحديث المصرِّح بذلك -وهو حديث قصّة الرؤيا- فإن قوله في سياقه: "وأما
الصبيان حوله، فأولاد الناس" قد أخرجه في "التعبير" بلفظ: "وأما الولدان
الذين حوله، فكل مولود يولد على الفطرة"، فقال بعض المسلمين: وأولاد
المشركين؟ فقال: "وأولاد المشركين"، ويؤيده ما رواه أبو يعلى من حديث
أنس مرفوعًا: "سألت ربي اللّاهين من ذرية البشر، أن لا يعذبهم، فأعطانيهم"،
إسناده حسن، وورد تفسير اللاهين بأنهم الأطفال من حديث ابن عباس
مرفوعًا، أخرجه البزار، وروى أحمد من طريق خنساء بنت معاوية بن صُريم
عن عمتها، قالت: قلت: يا رسول الله، مَن في الجنة؟ قال: "النبيّ في الجنة،
والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة"، إسناده حسن. انتهى.
والحاصل: أن المذهب الراجح في الأطفال، سواء كانوا للمسلمين
-وهذا بلا خلاف- أو للمشركين، فإنهم في الجنة؛ لوضوح أدلّته، وقوّة
حجته، وإلله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤئف -رحمه الله- أوّلَ الكتاب قال:
[6733]، ( ... ) - (حَدثنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى (ح)
وَحَدَّثنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، كِلَاهُمَا عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا
الِإسْنَادِ، وَقَالَ: "كَمَا تُنتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً"، وَلَمْ يَذْكُرْ جَمْعَاءَ).
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (عَبْدُ الأَعْلَى) بن عبد الأعلى السامى -بالمهملة- أبو محمد
البصريّ، وكان يغضب إذا قيل له: أبو همام، ثقةٌ [8] (ت 189) (ع) تقدم في
"الطهارة" 5/ 557.
والباقون ذُكروا في الباب، والبابين الماضيين.
[تنبيه]: رواية معمر عن الزهريّ هذه ساقها الامام أحمد -رحمه الله- في
"مسنده"، فقال: