[ثامنها]: أنهم في الجنة، قال النوويّ -رحمه الله-: وهو المذهب الصحيح

المختار الذي صار إليه المحققون؛ لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، وإذا كان لا يعذِّب العاقل؛ لكونه لم تبلغه الدعوة، فلأن

لا يعذِّب غير العاقل من بابِ أولى، ولحديث سمرة الطويل، وفيه: "والشيخ

في أصل الشجرة إبراهيم -عليه السلام-، والصبيان حوله، فأولاد الناس ... "، ولحديث

عمة خنساء قالت: قلت: يا رسول الله، مَن في الجنة؟ قال: "النبيّ في الجنة،

والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة"، رواه أحمد، وإسناده حسن.

[تاسعها]: الوقف.

[عاشرها]: الإمساك، قال الحافظ -رحمه الله-: وفي الفرق بينهما دقة.

انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: أرجح الأقوال عندي هو قول من قال: إنهم في

الجنّة، كما هو ظاهر مذهب البخاريّ -رحمه الله-، وذكر النوويّ -رحمه الله-: أنه المذهب

الصحيح المختار الذي صار إليه المحقّقون للآية المذكورة: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15].

فإن قال قائل: إنها في عذاب الدنيا. قلنا: اللفظ عامّ، فلا ينفي دخول

عذاب الآخرة.

ومِن أصرح الأدلّة: حديث سمرة بن جندب - رضي الله عنه - في "صحيح البخاريّ"

أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في جملة ذلك المنام حين مرّ على ذلك الشيخ تحت الشجرة،

وحوله وِلدان، فقال له جبريل: هذا إبراهيم -عليه السلام-، وهؤلاء أولاد المسلمين،

وأولاد المشركين، قالوا: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ قال: "نعم،

وأولاد المشركين"، وهذا أوضح دليل، وأبْيَن حجة في المسألة.

وقد مال الإمام البخاريّ -رحمه الله- إلى ترجيح هذا القول، فقال في

"صحيحه": "باب ما قيل في أولاد المشركين"، قال في "الفتح": هذه الترجمة

تُشعر بأنه كان متوقفًا في ذلك، وقد جزم بعد هذا في "تفسير سورة الروم" بما

يدلّ على اختيار القول الصائر إلى أنهم في الجنة، كما سيأتي تحريره، وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015