والحاصل: أن أحاديث امتحان الأطفال غير ثابتة، وإنما يصحّ حديث

امتحان الأصمّ، والأحمق، والْهَرِم، وأهل الفترة، فقد أخرجه أحمد من حديث

الأسود بن سَرِيع - رضي الله عنه -، فقال في "مسنده":

(16344) - حدّثنا عليّ بن عبد الله، حدّثنا معاذ بن هشام، حدّثنا أبي،

عن قتادة، عن الأحنف بن قيس، عن الأسود بن سَرِيع، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

قال: "أربعة يحتجون يوم القيامة: رجل أصمّ، لا يسمع شيئًا، ورجل أحمق،

ورجل هَرِم، ورجل مات في فترة، فأما الأصمّ، فيقول: رب قد جاء الإسلام،

وما أسمع شيئًا، وأما الأحمق، فيقول: رب قد جاء الإسلام، والصبيان

يحذفوني بالبعر، وأما الهرِم، فيقول: رب لقد جاء الإسلام، وما أعقل شيئًا،

وأما الذي مات في الفترة، فيقول؛ رب ما أتاني لك رسول، فيأخذ مواثيقهم

لَيُطيعنّه، فيرسِل إليهم أن ادخلوا النار، فوالذي نفس محمد بيده، لو دخلوها

لكانت عليهم بردًا وسلامًا".

ثم ساق بالإسناد المذكور عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن

أبي هريرة مثله، غير أنه قال في آخره: "فمن دخلها كانت عليه بردًا وسلامأ،

ومن لم يدخلها يُسحب إليها". انتهى (?).

وهذا إسناد صحيح، فظهر بهذا أن حديث الامتحان بالنسبة للأصمّ، ومن

ذُكر معه صحيح، لا حديث امتحان الأطفال، فترجيح القول بالامتحان في

حقّهم به غير صحيح؛ لأن طُرقه كلها واهية، فلا يمكن تصحيحها بتعدّد

طرقها، فتنبّه، وتأمّل بالإمعان، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: تُعُقّب القول بالامتحان المذكور بأن الآخرة ليست دار تكليف،

فلا عمل فيها، ولا ابتلاء.

وأجيب بأن ذلك بعد أن يقع الاستقرار في الجنة، أو النار، وأما في

عرصات القيامة فلا مانع من ذلك، وقد قال تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42)} [القلم: 42] وفي "الصحيحين": "إن الناس يؤمَرون

بالسجود، فيصير ظَهْر المنافق طبقًا، فلا يستطيع أن يسجد".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015