والغيّ: ضدّ الرشد، وهو الانهماك في الشرّ، ويُطلق أيضاً على مجرد الخطأ،
يقال: غَوَى، من باب ضرب؛ أي: أخطأ صواب ما أُمر به (?).
قال القاضي عياض: "أغويت الناس" قيل: يَحْتَمِل أنك سبب ذلك
بماخراجهم من الجنة، فعرّضتهم لإغواء الشياطين، ويَحْتَمِل أنه لمّا غَوَى هو
بمعصيته، كما قال تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121] وهم ذرّيّته سُمُّوا
غاوين، والغيّ: الانهماك في الشرّ، وأما في شأن آدم -عَلَيْهِ السَّلامُ-، فقيل: معناه:
جَهِلَ، وقيل: أخطا، وقد جاء في الرواية الأخرى: "فنسي". انتهى (?).
وقال ابن منظور -رَحِمَهُ اللهُ-: "أغويت الناس"؛ أي: خيّبتهمِ، يقال: غَوَى
الرجلُ: خاب، وأغواه غيره، وقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}؛ أي: فسد
عليه عيشه، قال: والغَوَّة، والغَيّة واحد، وقيل: غَوَى؛ أي: ترك النهي، وأكل
من الشجرة، فعوقب بأن اخرج من الجنة، وقال الليث: مصدر غَوَى الغَيّ،
قال: والغَوَاية: الانهماك في الغيّ، ويقال: أغواه الله: إذا أضله، وقال تعالى:
{فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ (32)} [الصافات: 32]. انتهى (?).
وقوله: (وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) المراد بالجنة التي أُخرج منها آدم -عليه
الصلاة، والسلام- جنة الخلد التي هي دار الجزاء في الآخرة، وجنة الفردوس
وغيرها التي هي دار البقاء، وهي كانت موجودة قبل آدم -عليه الصلاة
والسلام- وهو مذهب أهل الحقّ (?).
وقوله: (أَنْتَ الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ) قال عياض: عامّ يراد به
الخصوص؛ أي: مما علّمك، ويَحْتَمِل مما علمه البشر (?).
وقوله: (وَاصْطَفَاهُ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَتِهِ)؛ أي: اختاره على أهل زمانه،
وقوله: "برسالته" بالإفراد، وقُرئت الآية به، وبالجمع (?).
وقوله: (فَتَلُومُنِي) بتقدير همزة الاستفهام، وفي الرواية الماضية:
"أتلومني".