وفي الرواية الآتية من طريق الأعمش، عن سعد: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

ذات يوم جالسًا، وفي يده عود ينكت به، فرفع رأسه، فقال: ما منكم من

أحد ... ". (فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ) بإضافة البقيع بالباء الموحدة، وكسر القاف، إلى

الغرقد، بفتح الغين المعجمة، وسكون الراء، وفتح القاف، وبالدال المهملة،

وهو مقبرة المدينة (?)، والغرقد نوع من الشجر، وكان بالبقيع، فأضيف إليه (?).

وقال الفيّوميّ رحمه الله: البقيع: المكان الْمتّسع، ويقال: الموضع الذي فيه

شجر، وبقيع الغَرْقد بمدينة النبيّ-صلى الله عليه وسلم- كان ذا شجر، وزال، وبقي الاسم، وهو

الآن مقبرة المدينة. انتهى (?).

(فَأَتَانَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَعَدَ، وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ) بكسر الميم،

وسكون الخاء المعجمة، وفتح الصاد المهملة: هي عصًا، أو قضيب، يمسكه

الرئيس؛ ليتوكأ عليه، ويدفع به عنه، ويشير به لِمَا يريد، وسُمّيت بذلك؛ لأنها

تُحْمَل تحت الخصر غالبًا، للاتكاء عليها، وفي اللغة: اختَصَر الرجل: إذا

أمسك المخصرة (?). (فَنكَّسَ) بتشديد الكاف، وتخفيفها؛ أي: أطرق رأسه.

(فَجَعَلَ)، أي: أخذ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَعَ (يَنْكُتُ) بفتح الياء، وضم الكاف،

وآخره تاء مثناة فوقُ، أي: يخط بالمخصرة خطًّا يسيرًا مرّةً بعد مرّة، وهذا فِعل

المفكّر المهموم، وقال المجد: النّكْتُ- أي: بفتح، فسكون-: أن تضرب في

الأرض بقَضِيب، فيؤثّر فيها. انتهى.

(بِمِخْصَرَتِهِ) متعلّق بـ "ينكُت"، (ثُمَّ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("مَا) نافية، (مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ)

"من" مزيدة لاستغراق النفي، (مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ)؛ أي: مصنوعة، مخلوقة،

وهو بدل من قوله: "ما منكم من أحد"، (إِلَّا وَقَدْ كَتَبَ اللهُ مَكَانَهَا مِنَ الْجَنَّةِ

وَالنَّارِ) وفي رواية البخاريّ: "أو النار" بـ "أو" بدل الواو، قال في "الفتح":

"أو" للتنويع، ووقع في رواية سفيان ما قد يُشعر بأنها بمعنى الواو، ولفظه:

"إلا وقد كُتب مقعده من الجنة، ومقعده من النار"، وكأنه يشير إلى ما تقدم من

حديث ابن عمر الدالّ على أن لكل أحد مقعدين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015