غير مرّة، وفيه رواية صحابيّ عن صحابيّ، وأن الأول هو آخر من مات من

الصحابة -رضي الله عنهم- على الإطلاق.

شرح الحديث:

(عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ) بفتح الهمزة، وكسر السين المهملة، وقوله: (يَبْلُغُ

بهِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-) جملة حاليّة، وقد تقدّم قريبًا نكتة عدوله عن قوله: عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم-،

أو نحوه إلى هذه الصيغة، فلا تغفل. (قَالَ) النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: ("يَدْخُلُ الْمَلَكُ)؛ أي:

الموكّل بالرحم، (عَلَى النُّطْفَةِ) بضمّ النون، وسكون الطاء المهملة: ماء الرجل

والمرأة، جَمْعها: نُطفٌ، وبطا فث، مثلُ ببُرْمة، وبُرَم، وبِرام، قاله الفيّوميّ (?).

(بَعْدَمَا تَسْتَقِرُّ فِي الرَّحِمِ) قال المجد رحمه الله: الرِّحْمُ بالكسر، وككتِفٍ: بيتُ

مَنْبِتِ الوَلَدِ، ووِعاؤُه، والقَرَابَةُ، أو أصْلُهَا، وأسبابُها، جَمْعه: أرْحَام.

انتهى (?).

وقال الفيّوميّ رحمه الله: الرحم: موضع تكوين الولد، ويُخفف بسكون

الحاء، مع فتح الراء، ومع كسرها أيضًا، في لغة بني كلاب، وفي لغة لهم

تُكسر الحاء إتباعًا لكسرة الراء، ثم سمّيت القرابة والوصلة من جهة الولاء

رَحِماً، فَالرَّحِمُ خلاف الأجنبيّ، والرَّحِمُ أنثى في المعنيين، وقيل: مذكّر، وهو

الأكثر في القرابة. انتهى (?). (بِأَرْبَعِينَ، أَوْ خَمْسَةٍ) وفي نسخة: "أو خمس"،

والظاهر أنها أَولى؛ لموافقتها لـ"ليلةً"، و"أو" هنا للشكّ، والشكّ من ابن

عيينة، كما بيّنه أحمد في "مسنده" (?)، ولفظه: "بأربعين ليلة- وقال سفيان

مرة-: أو خمس وأربعين ليلةً". (وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً) قال القرطبيّ رحمه الله: هذا كله

شكّ من الرواة، وحاصله: أن بَعْث الملَك المذكور في هذا الحديث إنما هو

في الأربعين الرابعة التي هي مدّة التصوير، كما دلّ على ذلك ما قدّمناه قبل

هذا، وسُمّيت المضغة نطفة بمبدئها، ألا ترى قوله: "بعث الله إليها ملكًا،

وصوّرها، وخلق سمعها وبصرها، وجِلْدها، وعظامها"، فعَطَف بالفاء المرتبة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015