وفي رواية أخرى لمسلم أيضًا: "إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلةً،
يتسوّر عليها الملك، فيقول: يا رب أذكر أم أنثى؟ ... " وذكر الحديث.
وفي رواية أخرى لمسلم أيضًا: "لبضع وأربعين ليلة".
وفي "مسند الإمام أحمد" من حديث جابر، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا
استقرّت النطفة في الرحم أربعين يومًا، أو أربعين ليلةً، بُعث إليها ملك،
فيقول: يا رب شقيّ أم سعيد؟ فيعلم".
وقد سبق ما رواه الشعبيّ عن علقمة، عن ابن مسعود من قوله، وظاهره
يدلّ على أن الملك يُبعث إليه وهو نطفة.
وقد رُوي عن ابن مسعود من وجهين آخرين، أنه قال: "إن الله عزوجل
تُعرَض عليه كل يوم أعمال بني آدم، فينظر فيها ثلاث ساعات، ثم يؤتى
بالأرحام، فينظر فيها ثلاث ساعات، وهو قوله: {يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ
يَشَاءُ} [آل عمران: 6]، وقوله: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ}
[الشورى: 49]، ويؤتى بالأرزاق، فينظر فيها ثلاث ساعات، وتسبِّحه الملائكة
ثلاث ساعات، قال: فهذا من شأنكم، وشأن ربكم"، ولكن ليس في هذا
توقيت ما ينظر فيه من الأرحام بمدّة.
وقد رُوي عن جماعة من الصحابة أن الكتابة تكون في الأربعين الثانية،
فخرَّج اللالكائىّ بإسناده عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إذا مكثت
النطفة في رحم المرأة أربعين ليلة، جاءها الملك، فاختلجها، ثم عرج بها إلى
الرحمن عزوجل، فيقول: اخلُق يا أحسن الخالقين، فيقضي الله فيها ما يشاء من
أمره، ثم تُدفع إلى الملك عند ذلك، فيقول: يا رب أسِقط أم تمام؟ فيبيّن له،
فيقول: يا رب أناقص الأجل أم تام الأجل؟ فيبيّن له، فيقول: يا رب أواحد
أم توأم؟ فيبيّن له، فيقول: يا رب أذكر أم أنثى؟ فيبيِّن له، فيقول: يا رب
أشقيّ أم سعيد؟ فيبيّن له، ثم يقول: يا رب اقطع له رزقه، فيقطع له رزقه، مع
أجَله، فيهبط بهما جميعًا، فوالذي نفسي بيده لا ينال من الدنيا إلا ما
قُسم له (?).