صُلِّي عليه، حيث كان قد نُفخ فيه الروح، ثم مات، وحُكي ذلك أيضًا عن

سعيد بن المسيِّب، وهو أحد قولي الشافعيّ، وإسحاق، ونَقل غير واحد عن

أحمد أنه قال: إذا بلغ أربعة أشهر وعشرًا ففي تلك العَشْر يُنفخ فيه الروح،

ويُصلى عليه، وقال في رواية لأبي الحارث عنه: تكون النسمة نطفة أربعين

ليلة، وعلقة أربعين ليلة، ومضغة أربعين ليلة، ثم تكون عظمًا ولحمًا، فإذا تمَّ

أربعة أشهر وعشرًا نُفخ فيه الروح، وظاهر هذه الرواية أنه لا يُنفخ فيه الروح

إلا بعد تمام أربعة أشهر وعشر، كما رُوي عن ابن عباس، والروايات التي قبل

هذه عن أحمد أنها تدلّ على أنه يُنفخ فيه الروح في مدة العَشر بعد تمام

الأربعة، وهذا هو المعروف عنه، وكذا قال ابن المسيِّب لمّا سئل عن عدّة

الوفاة، حيث جعلت أربعة أشهر وعشرًا، ما بال العَشر؟ قال: يُنفخ فيه الروح.

وأما أهل الطبّ فذكروا أن الجنين إن تصوَّر في خمسة وثلاثين يومًا

تحرَّك في سبعين يومًا، ووُلد في مائتين وعشرة أيام، وذلك سبعة أشهر، وربما

تقدّم أياماً، وتأخر في التصوير والولادة، وإذا كان التصوير في خمسة وأربعين

يومًا تحرك في تسعين يومًا، ووُلد في مائتين وسبعين يومًا، وذلك تسعة أشهر،

والله أعلم.

وأما كتابة الملَك: فحديث ابن مسعود يدلّ على أنها تكون بعد أربعة

أشهر أيضًا، على ما سبق، وفي "الصحيحين" عن أنس، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال:

"وكَّل الله بالرحم ملَكًا، يقول: أيْ رب نطفة؟ أي رب عَلَقَة؟ أي رب مُضغة؟

فإذا أراد الله أن يقضي خلقًا، قال: يا رب أذكر أم أنثى؟ أشقيّ أم سعيد؟ فما

الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه".

وظاهر هذا يوافق حديث ابن مسعود، لكن ليس فيه تقدير المدّة،

وحديث حذيفة بن أَسِيد الذي تقدّم يدلّ على أن الكتابة تكون في أول الأربعين

الثانية، وخرّجه مسلم أيضًا بلفظ آخر، من حديث حذيفة بن أسيد، يبلغ به

النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "يدخل الملك على النطفة بعدما تستقرّ في الرحم بأربعين، أو

خمسة وأربعين ليلةً، فيقول: يا رب أشقيّ أم سعيد؟ فيُكتبان، فيقول: أي رب

أذكر أم أنثى؟ فيُكتبان، وُيكتب عمله، وأثره، وأجله، ورزقه، ثم تطوى

الصحف، فلا يزاد فيها، ولا ينقص".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015