الأطوار، كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ

تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} الآية [الحج: 5].

وذكر هذه الأطوار الثلاثة: النطفة، والعلقة، والمضغة في مواضع متعددة

من القرآن، وفي مواضع أُخَر ذَكَر زيادة عليها، فقال في سورة المؤمنين:

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13)}

[المؤمنون: 12، 13].

فبهذه سبعُ تارات، ذكرها الله في هذه الآية لخلق ابن آدم قبل نفخ الروح

فيه، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: خُلق ابن آدم من سبع، ثم يتلو هذه الآية،

وسئل عن العزل، فقرأ هذه الآية، ثم قال: فهل يُخلق أحد حتى تجري فيه

هذه الصفة؟ وفي رواية عنه قال: وهلْ تموت نفس حتى تمرّ على هذا الخلق؟

ورُوي عن رفاعة بن رافع قال: جلس إليّ عمر، وعليّ، والزبير، وسعد،

ونفر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتذاكروا العزل، فقالوا: لا بأس به، فقال

رجل: إنهم يزعمون أنها الموؤودة الصغرى، فقال عليّ -رضي الله عنه-: لا تكون موؤودة

حتى تمرّ على التارات السبع، تكون سلالة من طين، ثم تكون نطفة، ثم تكون

علقة، ثم تكون مضغة، ثم تكون عظامًا، ثم تكون لحمًا، ثم تكون خَلْقًا آخر،

فقال عمر -رضي الله عنه-: صدقت، أطال الله بقاءك. رواه الدارقطنيّ في "المؤتلف

والمختلف" (?).

وقد رَخَّص طائفة من الفقهاء للمرأة في إسقاط ما في بطنها، ما لم يُنفخ

فيه الروح، وجعلوه كالعزل، وهو قول ضعيف؛ لأن الجنين وَلَدٌ انعقد، وربما

تَصَوَّر، وفي العزل لم يوجد ولد بالكليّة، وإنما تسبب إلى منع انعقاده، وقد لا

يمتنع انعقاده بالعزل إذا أراد الله خلقه، كما قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لمّا سئل عن العزل

قال: "لا عليكم أن لا تفعلوا، إنه ما من نفس منفوسة إلا أن الله خلقها" (?).

قال: وقد صرَّح أصحابنا- يعني: الحنبليّة- بانه إذا صار الولد عَلَقةً لم

يجز للمرأة إسقاطه؛ لأنه ولد انعقد، بخلاف النطفة، فإنها لم تنعقد بعدُ، وقد

لا تنعقد ولدًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015