وقد ورد في بعض الروايات في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- ذِكر العظام،
وأنه يكون عظمًا أربعين يومًا، فخرَّج الإمام أحمد من رواية عليّ بن زيد:
سمعت أبا عُبيدة يحدّث، قال: قال عبد الله: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن النطفة
تكون في الرحم أربعين يومًا على حالها، لا تغيَّر، فإذا مضت الأربعون صارت
عَلَقة، ثم مضغة ًكذلك، ثم عظامًا، فإذا أراد الله تعالى إن يُسوّي خَلْقه بَعَثَ الله
إليه مَلَكًا ... "، وذكر بقية الحديث (?).
ويروى من حديث عاصم عن أبي وائل، عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، عن
النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن النطفة إذا استقرّت في الرحم، تكون أربعين ليلة نطفة، ثم
تكون علقة أربعين ليلة، ثم تكون عظامًا أربعين ليلة، ثم يكسو الله العظام
لحمًا" (?).
ورواية الإمام أحمد تدلّ على أن الجنين لا يُكْسَى اللحم إلا بعد مائة
وستين يومًا، وهذا غلظ لا ريب فيه، فإنه بعد مائة وعشرين يومًا ينفخ فيه
الروح بلا ريب، كما سيأتي ذِكره، وعليّ بن زيد، هو ابن جُدْعان، لا
يُحتج به.
وقد ورد في حديث حذيفة بن أَسِيد ما يدلّ على خَلْق العظام واللحم في
أول الأربعين الثانية، ففي "صحيح مسلم" عن حذيفة بن أَسِيد عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-
قال: "إذا مرّ بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملَكًا، فصوَّرها، وخَلَق
سمعها، وبصرها، وجلدها، ولحمها، وعظامها، ثم قال: يا رب ذكر أو أنثى؟
فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب أجَلُه؟ فيقول ربك ما
شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب رِزقه؟ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب
الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده، فلا يزيد على ما أُمر، ولا
ينقص"، فظاهر هذا الحديث يدلّ على أن تصوير الجنين، وخَلْق سَمْعه،