هذا التقرير، فقال: هذا تقرير من المؤلّف لكسب الأشاعرة في باب القضاء

والقدر، والحقّ أن قدرة العبد ينشأ عنها فعله، ولهذا هو محاسب ومؤاخذ

عليها، وهي على كلّ حال لا تخرُج عن قدرة الله، ومشيئته بحال، والله تعالى

خَلَق العبد، وخَلَق قدرته، فـ "الله خالق كلّ صانع وصنعته"، والله تعالى أعلم.

وقد أخرج أحمد، وأبو يعلى من طريق أيوب بن زياد، عن عبادة بن

الوليد بن عبادة بن الصامت، حدثني أبي، قال: "دخلت على عبادة، وهو

مريض، فقلت: أوصني، فقال: إنك لن تَطعَم طُعمَ الإيمان، ولن تبلغ حقيقة

العلم بالله، حتى تؤمن بالقدر خيره وشره، وهو أن تعلم أن ما أخطأك لم يكن

ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك ... " الحديث، وفيه: "وإن مُتّ، ولست

على ذلك دخلت النار".

وأخرجه الطبراني من وجه آخر بسند حسن، عن أبي إدريس الخولانيّ،

عن أبي الدرداء، مرفوعًا مقتصرًا على قوله: "إن العبد لا يبلغ حقيقة الإيمان

حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه".

28 - (ومنها): أن فيه أن الأقدار غالبة، والعاقبة غائبة، فلا ينبغي لأحد

أن يغترّ بظاهر الحال، ومن ثَمَّ شُرع الدعاء بالثبات على الدِّين، وبحسن

الخاتمة.

[تنبيه]: حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- هذا قد يقال: يُعارضه حديث علي-رضي الله عنه-

الآتي في الباب، وهو متّفق عليه، حيث سأل الصحابة -رضي الله عنهم- عن فائدة العمل مع

تقدم التقدير، فاجابهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "اعملوا فكل ميسَّر لما خُلِق له".

وُيجمع بينهما بحمل حديث علي -رضي الله عنه- على الأكثر الأغلب، وحَمْل هذا

الحديث على الأقل، ولكنه لمّا كان جائزًا تعيَّن طلب الثبات. قاله في

"الفتح".

[تنبيه آخر]: حَكَى ابن التين: أن عمر بن عبد العزيز: لَمّا سمع هذا

الحديث أنكره، وقال: كيف يصح أن يعمل العبد عمره الطاعةَ، ثم لا يدخل

الجنة؟ انتهى.

وقد توقف ابن الملقن رحمه الله في صحة ذلك عن عمر، قال الحافظ رحمه الله:

وظهر لي أنه إن ثبت عنه حُمِل على أن راويه حذف منه قوله في آخره: "فيسبق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015