البدع المحدثة من المتكلّمين في أصْلَي الدين والفقه، والحقّ فيه التفصيل،
فتكليف ما لا يُطاق لِعَجْز العبد عنه عادةً، كالمشي على القفا، أو على الرأس
وغيره، فهو غير موجود في الشريعة البتّة، قال سبحانه وتعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا
وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وقال أيضًا: {لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 233]،
وقال: {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [المؤمنون: 62]، وقال سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، فهو مما رَفَقَ الله سحانه وتعالى به علينا من الحرج، فخفّفه على
عباده، {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6].
وأما تكليف ما لا يُطاق لا للعجز عنه، بل للاشتغال بضدّه من الكفر
والفسوف والعصيان، فهذا مما جاءت به الشريعة أمرًا ونهيًا، وتسميته بما لا
يطاق خطأٌ، ولم يَرِد بها الشرع الحنيف. وراجع في هذا ما قاله شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" 8/ 469 وما بعدها، و"درء
التعارض" 1/ 65. والله تعالى أعلم.
25 - (ومنها): أن فيه أن الله يَعلَم الجزئيات كما يَعلَم الكليات؛ لتصريح
الخبر بأنه يأمر بكتابة أحوال الشخص مفصلة.
26 - (ومنها): أنه سبحانه وتعالى مريد لجميع الكائنات بمعنى أنه خالقها ومُقَدِّرها،
لا أنه يحبها ولرضاها.
27 - (ومنها): أن جميع الخير والشر بتقدير الله تعالى، وإيجاده،
وخالف في ذلك القدرية والجبرية.
فذهبت القدرية إلى أن فِعل العبد من قِبَل نفسه، ومنهم من فرَّق بين
الخير والشر، فنَسَب إلى الله الخير، ونفى عنه خلق الشر، وقيل: إنه لا يُعرَف
قائله، وإن كان قد اشتَهَرَ ذلك، ونما هذا رأي المجوس.
وذهبت الجبرية إلى أن الكل فِعل الله، وليس للمخلوقما فيه تأثير أصلًا،
وتوسَّط أهل السُّنَّة، فمنهم من قال: أصل الفعل خلقه الله، وللعبد قدرة غير
مؤثّرة في المقدور، وأثبت بعضهم أن لها تأثيراً، لكنه يُسَمَّى كسبًا، وبَسطُ
أدلتهم يطول. قاله في "الفتح" (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تعقّب بعض المحقّقين على الحافظ في