مسلم وغيره، فلعل بعض رواته دخل عليه حديث في حديث (?).
(إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَرَى) وفي رواية
البخاريّ: "كيف تقول؟ " (فِي رَجُلٍ، أَحَبَّ قَوْمًا، وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ؟ ) وفي الرواية
الآتية: "ولَمّا يَلحَق بهم"، وهي أبلغ لأن النفي بـ "لَمّا" أبلغ من النفي بـ "لم"،
فيؤخذ منه أن الحكم ثابت، ولو بعد اللحاق، وفي حديث أبي ذرّ المشار إليه
قبلُ: "ولا يستطيع أن يعمل بعملهم"، وفي بعض طرق حديث صفوان بن
عَسّال عند أبي نعيم: "ولم يعمل بمثل عملهم"، وهو يفسر المراد.
(قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ")؛ يعني: أن من أحب قومًا
بالإخلاص يكون من زُمرتهم، وإن لم يعمل عملهم؛ لثبوت التقارب بين
قلوبهم، وربما تؤدي تلك المحبة إلى موافقتهم، وفيه حث على محبة الصلحاء
والأخيار رجاءَ اللَّحاق بهم، والخلاص من النار (?).
وقال المباركفوريّ رحمه الله: "المرء مع من أحبّ"؛ أي: يُحشر مع محبوبه،
ويكون رفيقًا لمطلوبه، قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} الآية [النساء: 69]، وظاهر الحديث: العموم الشامل للصالح والطالح، ويؤيده
حديث: "المرء على دِين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل" (?)، ففيه ترغيب،
وترهيب، ووعد، ووعيد، وفي رواية للترمذيّ عن أنس: "المرء مع من أحبّ،
وله ما اكتسب"، وفي رواية البيهقيّ في "شعب الإيمان": "أنت مع من أحببت،
ولك ما احتسبت". قال القاري: أي: أجر ما احتسبت، والاحتساب: طلب
الثواب، وأصل الاحتساب بالشيء: الاعتداد به، ولعله مأخوذ من الْحِساب،
أو الْحَسْب، واحتسب بالعمل: إذا قَصَد به مرضاة ربه.
وقال التوربشتيّ: وكلا اللفظين؛ يعني: "احتسب" و"اكتسب" قريب من
الآخَر في المعنى المراد منه، قال الطيبيّ رحمه الله: وذلك لأن معنى ما اكتسب:
كَسَب كسْبًا يُعتدّ به، ولا يَرِد عليه سبب الرياء والسمعة، وهذا هو معنى