من حديث بُريدة أن عمر سأل عن ذلك أيضًا، ولفظه: "ما من امرئ، ولا
امرأة يموت له ثلاثة أولاد، إلا أدخله الله الجنة، فقال عمر: يا رسول الله
واثنان؟ قال: واثنان"، قال الحاكم: صحيح الإسناد، وهذا لا بُعد في تعدّده؛
لأن خطاب النساء بذلك لا يستلزم علم الرجال به، قاله في "الفتح" (?).
(وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ) بالتكرار ثلاث مرّات؛ للتأكيد، وهو منصوب
بفعل مقدّر دلّ عليه ما سبق؛ أي: ومَنْ تُقَدِّم اثنين؟ أي: فما حكمها؟ ، وقال
في "الفتح": قوله: "واثنين"، ولكريمة: "واثنتين" بزيادة تاء التأنيث، وهو
منصوب بالعطف على "ثلاثةً"، ويسمّى العطف التلقينيّ، وكأنها فهمت الحَصْر،
وطَمِعت في الفضل، فسألت عن حكم الاثنين، هل يلتحق بالثلاثة أو لا؟ .
انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "منصوب بالعطف إلخ" عندي أن ما
قدّمته من الإعراب هو الأوضح، وقوله: "ويسمّى العطف التلقينيّ" قد نظمت
العطف التلقيني، مع الاستثناء التلقينيّ بقولي:
وَعَطْفُ قَوْلِ قَائِلٍ عَلَى سِوَاهْ ... بِعَطْفِ تَلْقِينٍ دَعَاهُ مَنْ حَوَاهْ
كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {قَالَ وَمِنْ ... ذُرِّيَّتِي} فَاحْفَظْهُ أَيُّهَا الْفَطِنْ
وَمِثْلُ ذَا اسْتِثْنَاؤُهُمْ كَمَا انْتَظَمْ ... إِخْرَاجُهُ الإِذْخِرَ مِنْ حُكْمِ الْحَرَمْ
(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ")؛ أي: ومن تقدِّم اثنين
يكونان لها حجابًا من النار.
ووقع في رواية البخاريّ بلفظ: "واثنان" بالرفع، قال في "الفتح": قوله:
"واثنان"؛ أي: وإذا مات اثنان ما الحكم؟ فقال: "واثنان"؛ أي: وإذا مات
اثنان فالحكم كذلك، ووقع في رواية مسلم من هذا الوجه: "واثنين" بالنصب؛
أي: وما حكم اثنين؟ وفي رواية سهل: "أو اثنان"، وهو ظاهر في التسوية بين
حكم الثلاثة والاثنين، وقد تقدم النقل عن ابن بطال أنه محمول على أنه أُوحي
إليه بذلك في الحال، ولا بُعْد أن ينزل عليه الوحي في أسرع من طرفة عين.
وَيحْتَمِل أن يكون كان العلم عنده بذلك حاصلًا، لكنه أشفق عليهم أن