وهو متعلّق بحال مقدّر؛ لأنه بيان مقدّم على قوله: "ثلاثة"، والقاعدة أن نعت
النكرة إذا قُدّم يُعرب حالًا، كما هو معروف في محلّه. (ثَلَاثَةً) بالنصب على
المفعوليّة لـ"تقدّم"؛ أي: ثلاثة أولاد، وفي رواية: "ثلاثًا"، وكلاهما جائز؛
لأن القاعدة أنه إذا حُذف التمييز جاز تذكير العدد، وتأنيثه. (إِلَّا كَانُوا) وفي
رواية عند البخاريّ: "إلا كُنّ" بضم الكاف، وتشديد النون، وكأنه أُنِّث باعتبار
النفس، أو النسمة، قاله في "الفتح" (?). (لَهَا حِجَابًا)؛ أي: ساترًا (مِنَ النَّارِ"،
فَقَالَتِ امْرَأَةٌ) هي أم سليم الأنصاريّة والدة أنس بن مالك، كما رواه الطبرانيّ
بإسناد جيّد عنها: "قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم، وأنا عنده: ما من
مسلمَين يموت لهما ثلاثة، لم يبلغوا الحُلُم، إلا أدخله الجنة بفضل رحمته
إياهم، فقلت: واثنان؟ قال: واثنان"، وأخرجه أحمد، لكن الحديث دون
القصة.
ووقع لأم مُبَشِّر الأنصاريّة أيضاً السؤال عن ذلك، فرَوَى الطبرانيّ أيضًا
من طريق ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر: "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- دخل على أم
مبشر، فقال: يا أم مبشر من مات له ثلاثة من الولد دخل الجنة، فقلت: يا
رسول الله، واثنان؟ فسكت، ثم قال: نعم، واثنان".
وفي حديث جابر بن سمرة أن أم أيمن ممن سأل عن ذلك، وعن ابن
عباس أن عائشة أيضًا منهنّ.
وحَكَى ابن بشكوال أن أم هانئ أيضًا سألت عن ذلك.
وَيحْتَمِل أن يكون كل منهنّ سأل عن ذلك في ذلك المجلس، وأما تعدد
القصة ففيه بُعْد؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لمّا سئل عن الاثنين بعد ذِكر الثلاثة، وأجاب بأن
الاثنين كذلك، فالظاهر أنه كان أوحي إليه ذلك في الحال، وبذلك جزم ابن
بطال وغيره، وإذا كان كذلك كان الاقتصار على الثلاثة بعد ذلك مستبعدًا
جدًّا؛ لأن مفهومه يُخرج الاثنين اللذين ثبت لهما ذلك الحكم بالوحي؛ بناء
على القول بمفهوم العدد، وهو معتبَر هنا.
وممن سأل عن ذلك أيضًا: جابر بن عبد الله، ورَوَى الحاكم، والبزار،