وَمِنْ ضَمِيرِ الْحَاضِرِ الظَّاهِرَ لَا ... تُبْدِلْهُ إِلَّا مَا إِحَاطَةً جَلَا

أَوِ اقْتَضَى بَعْضاً أَوِ اشْتِمَالَا ... كَـ "أَنَّكَ ابْتِهَاجَكَ اسْتَمَالَا"

وقوله: (فِي وُجُوهِ بَعْضٍ) متعلّق بـ "سدّدناها".

والمعنى: لم نمت حتى سدّد بعضنا تلك النصال، ووَجّهها إلى وجوه

بعضنا، والمراد أننا بَدَلَ أن نقتل بها أعداءنا قَتَل بعضنا بعضاً، يريد بذلك:

القتال الذي جرى بين الصحابة - رضي الله عنهم - في تلك الحروب الواقعة في الجمل

وصِفين.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: يعني أبو موسى: أنه ما مات معظم الصحابة - رضي الله عنهم -

حتى وقعت بينهم الفتن والمِحَن، فرَمَى بعضهم بعضاً بالسهام، وقاتل بعضهم

بعضاً، ذَكَر هذا في مَعْرِض التأسّف على تغيّر الأحوال، وحصول الخلاف

لمقاصد الشرع، من التعاطف، والتواصل، على قرب العهد، وكمال الجِدّ.

انتهى (?)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [34/ 6641 و 6642] (2615)، و (البخاريّ) في

"الصلاة" (452) و"الفتن" (7075)، و (أبو داود) في "الجهاد" (2587)، و (ابن

ما جه) في "الآداب" (3823)، و (أحمد) في "مسنده" (4/ 391 و 392 و 397

و400 و 413 و 418)، و (ابن الجعد) في "مسنده" (1482)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): بيان تأكيد حرمة المسلم، وتحريم قتاله، وقتله، وتغليظ

الأمر فيه، وتعظيم قليل الدم، وكثيره.

2 - (ومنها): تحريم تعاطي الأسباب المفضية إلى أذيّته بكل وجه.

3 - (ومنها): أن فيه حجةً للقول بسدّ الذرائع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015