[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من خماسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-، وأنه مسلسلٌ بالبصريين غير أبي بردة،
فكوفيّ، وأبو موسى بصريّ كوفيّ، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، والابن عن أبيه.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي مُوسَى) الأشعريّ - رضي الله عنه -؛ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِذَا مَرَّ
أَحَدُكُمْ) قال في "الفتح": هذا فيه أن الحكم عامّ في جميع المكلفين، بخلاف
حديث جابر، فإنه واقعة حال، لا تستلزم التعميم (?). (فِي مَجْلِسٍ) من مجالس
المسلمين (أَوْ سُوقٍ) "أو" هنا للتنويع، وقوله: (وَبِيَلِإِ نَبْلٌ)؛ أي: سهام،
(فَلْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا) بكسر النون: جَمْع نصل، ويُجمع أيضاً على نصول، كما
تقدّم، والنصل: حديدة السهم. (ثُمَّ لْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا، ثُمَّ لْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا") كرّره
ثلاث مرّات تأكيداً للأمر، وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وتكراره: "فليأخذ بنصالها"
ثلاث مرات على جهة التأكيد والمبالغة في سدّ الذريعة، وهو من جملة ما
استدلّ به مالك على أصله في سدّ الذرائع. انتهى (?).
وفي الرواية التالية: "فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا بِكَفِّهِ" وليس المراد خصوص
ذلك، بل يَحْرِص على أن لا يُصيب مسلماً بوجه من الوجوه، كما دل عليه
التعليل بقوله: "أَنْ يُصِيبَ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا بِشَيْءٍ" (?). (قَالَ) أبو بردة
(فَقَالَ أَبُو مُوسَى) الأشعريّ: (وَاللهِ مَا) نافية، (مْتْنَا) بضمّ الميم، من مات
يموت موتاً، من باب قال، وبكسرها من مات يمات موتاً، كخاف يخاف
خوفاً. (حَتَّى سَدَّدْنَاهَا) بالسين المهملة، من السَّدَاد، يقال: سدّد الرامي السهم
إلى الصيد بالتثقيل: وجّهه إليه، وسدّد رُمحه: وجّهه طولاً، خلاف عَرْضه،
واستدّ الأمر على افتعل: انتظم، واستقام، قاله الفيّوميّ (?).
وقوله: (بَعْضُنَا) بالرفع بدل من الضمير الفاعل في "متنا"، كما قال في
"الخلاصة":