رزين، وذكر الثعلبيّ أنه من لغة الحجاز، وأيًّا ما كان فالمعنى على حذف مضاف: أي فكان ذا قاب قوسين، فكأنه قيل: فكان قريبًا منه.
وقوله: {فَأَوْحَى} أي جبريل؛ {إِلَى عَبْدِهِ} أي عبد الله، وهو النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنما أتى بالضمير، وإن لم يَجْرِ له تعالى ذكر؛ لكونه في غاية الظهور، ومثله كثير في الكلام، ومنه قوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} الآية [فاطر: 45]، وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (?)} [القدر: 1] {مَا أَوْحَى} أي الذي أوحاه، والضمير المستتر لجبريل؛ أيضًا، وإبهام الموحَى به؛ للتفخيم، فهذا نظير قوله تعالى: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} الآية [طه: 78]، وقال أبو زيد: الضمير المستتر لله عز وجل، أي أوحى جبريل إلى عبد الله ما أوحاه الله إلى جبريل، والأول مرويّ عن الحسن، وهو الأحسن، وقيل: ضمير {أَوْحَى} هو الأول والثاني لله تعالى، والمراد بالعبد جبريل عليه السلام. انتهى كلام الآلوسيّ رحمه الله (?).
(قَالَ) زِرّ (أَخْبَرَنِي) عبد الله (بْنُ مَسْعُودٍ) - رضي الله عنه - (أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى جِبْرِيلَ) عليه السلام، وهذا ظاهره أنه موقوف على ابن مسعود - رضي الله عنه -، لكن مثل هذا لا يُقال بالرأي، فله حكم الرفع، على أنه جاء التصريح برفعه فيما أخرجه أبو عوانة، وأبو نعيم رحمه الله في "مستخرجيهما"، ولفظ أبي عوانة من طريق النُّفيليّ، عن زهير، عن أبي إسحاق الشيبانيّ، قال: أتيت زِرّ بن حبيش، وعليّ درّتان، فسألته عن {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}، فقال: حدّثنا عبد الله بن مسعود، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أنه رأى جبريل، له ستمائة جناح" (?).
ولفظ أبي نعيم من طريق سليمان بن داود الهاشميّ، عن عبد الواحد بن زياد، عن الشيبانيّ، قال: سألت زِرّ بن حُبَيش عن قول الله عز وجل: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)}، فقال: قال عبد الله: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رأيت جبريل، له ستمائة جناح" (?).