وقوله: (لهُ سِتُّمِائةِ جَنَاحٍ) جملة في محل نصب علي الحال من جبريل عليه السلام.
و"الْجَناح - بفتح الجيم، وتخفيف النون، آخره حاء مهملة -: يُطلق على معان، قال الفيّوميّ رحمه الله: جَناح الطائر: بمنزلة اليد من الإنسان، والجمع: أَجْنحة. انتهى (?).
وقال المجد رحمه الله: "الْجَناح": اليد، جمعه: أجنحة، وأَجْنُحٌ، والْعَضُدُ، والإِبْطُ، والجانبُ، ونفسُ الشيء، ومن الدّرّ: نظمٌ يُعَرَّضُ، أو كلُّ ما جعلته في نظام، والْكَنَفُ، والناحيةُ، والطائفةُ من الشيء، ويُضمّ، والرَّوْشَنُ، والْمَنْظَرُ، وفَرَسٌ للْحَوْفَزَانِ بن شَرِيك، وآخر لبني سُليم، وآخر لمحمد بن مَسْلَمَةَ الأنصاريّ، وآخرُ لعُقبة بن أبي مُعيط، واسمٌ. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: المناسب من هذه المعاني لما هنا: الكَنَفُ، والله تعالى أعلم.
وهذا الذي قاله ابن مسعود - رضي الله عنه - في حمله الآية على أن المراد أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى جبريل عليه السلام، وأنه هو الداني المقترب من محمد - صلى الله عليه وسلم - هو الذي ذهب إليه الكثيرون، منهم: أم المؤمنين عائشة، وأبو ذرّ، وأبو هريرة - رضي الله عنه -، وهو المذهب الراجح؛ لثبوت التصريح به عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فلا كلام مع ما ثبتٌ عنه، وسيأتي تمام البحث فيه في المسألة الثالثة - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنف) هنا في "الإيمان" [83/ 439 و 440 و 441] (174)، و (البخاريّ) في "بدء الخلق" (3232)، و"التفسير" (4856 و 4857)، و (الترمذي) في "التفسير" (3277)، و (أبو داود الطيالسيّ) في "مسنده" (358)،