وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: كان أبو سفيان من أشراف قريش، وساداتها، وذوي

رأيها في الجاهلية، أسلم يوم فتح مكة، وقد تقدَّم خبر إسلامه، وشهد حنينًا،

وأعطاه النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غنائمها مائة بعير، وأربعين أوقية وَزَنها له بلال.

قال أبو عمر: واختُلف في حسن إسلامه، فطائفة تروي: أنه لما أسلم

حسن إسلامه، وذكروا عن سعيد بن المسيِّب عن أبيه، قال: رأيت أبا سفيان يوم

اليرموك تحت راية ابنه يزيد يقاتل، يقول: يا نصر الله اقترب. ورُوي عنه أنه

قال: فقدت الأصوات يوم اليرموك إلَّا صوت رجل واحد يقول: يا نصر الله

اقترب، قال المسيِّب: فذهبت انظر، فإذا هو أبو سفيان بن حرب تحت راية

ابنه. وقد رُوي: أن أبا سفيان كان يوم اليرموك يقف على الكراديس، فيقول

للناس: اللهَ! اللهَ! إنكم ذادةُ العرب (?)، وأنصار الإسلام، وإنهم ذادة الروم،

وأنصار المشركين، اللَّهُمَّ! هذا يوم من أيامك، اللَّهُمَّ! أنزل نصرك على عبادك.

وطائفة تروي: أنه كان كهفًا للمنافقين منذ أسلم، وكان في الجاهلية

يُنسب إلى الزندقة، وكان إسلامه يوم الفتح كَرْهًا كما تقدَّم من حديثه، ومن

قوله في كلمَتَي الشهادة حين عُرضت عليه: أما هذه ففي النفس منها شيء.

وفي خبر ابن الزبير أنه رآه يوم اليرموك قال: فكانت الروم إذا ظهرت قال أبو

سفيان: إيه بني الأصفر! . انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: الحقّ أن أبا سفيان - رضي الله عنه - من أفاضل الصحابة،

وأنه حَسُن إسلامه، فلا ينبغي لمسلم شحيح على دينه أن يشكّ في ذلك، ولا

يرتاب فيه، فإن الوقيعة في أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واتهامهم بالنفاق خطر

عظيم، ومهواة بعيدة، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ

أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)} [آل عمران: 8]، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّلَ الكتاب قال:

[6389] (2501) - (حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ

جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا النَّضْرُ - وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الْيَمَامِيُّ (?) - حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015