التشريف بأن أضاف نفسه إليهم، ويمكن أن يكون معنى: "هم مني": فعلوا
فِعلي من القراءة، والعبادة، والكرم، و"أنا منهم"، أي: أفعل من ذلك مثل ما
يفعلون، كما قال بعض الشعراء [من الطويل]:
وَقُلْتُ أَخِي قالُوا أَخٌ وكرامةٌ ... فَقُلتُ لَهُم إنَّ الشُّكُولَ أقارِبُ
نَسِيبيَ في رَأيي وعَزمِي ومَذهَبي ... وإن خالفَتنا في الأمُورِ المَناسِبُ
انتهى (?)، والله تعالى أعلم.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
(40) - (بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ - رضي الله عنه -)
هو: صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشيّ
الأُمويّ، مشهور باسمه وكنيته، وكان يُكنى أيضًا أبا حنظلة، وأمه صفية بنت
حَزْن الهلالية، عمة ميمونة زوج النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان أسنّ من النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعشر
سنين، وقيل غير ذلك بحسب الاختلاف في سنة موته، وهو والد
معاوية - رضي الله عنهما -.
أسلم عام الفتح، وشَهِد حُنينًا، والطائف، كان من المؤلَّفة، وكان قبل
ذلك رأس المشركين يوم أُحد، ويوم الأحزاب، ويقال: إن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
استعمله على نجران، ولا يثبت، قال الواقديّ: أصحابنا يُنكرون ذلك،
ويقولون: كان أبو سفيان بمكة وقت وفاة النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان عامِلها حينئذ
عمرُو بن حزم.
وذكر ابن إسحاق: أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجّهه إلى مناة، فهدمها، وتزوج
النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابنته أم حبيبة قبل أن يُسلم، وكانت أسلمت قديمًا، وهاجرت مع
زوجها إلى الحبشة، فمات هناك.
وروى ابن سعد بإسناد صحيح عن عكرمة، أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أهدى إلى أبي
سفيان بن حرب تمر عَجْوة، وكتب إليه يستهديه أَدَمًا مع عمرو بن أمية، فنزل