موسى بن عقبة عن غريب عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سيدة
نساء العالمين: مريم، ثم فاطمة، ثم خديجة، ثم آسية" (?)، وهذا حديث
حسن، رافع لإشكال هذه الأحاديث.
قال الجامع عفا الله عنه: قد تعقّب الحافظ قول القرطبيّ رحمه الله: حديث
حسنٌ، فقال ما حاصله: هذا الحديث الدال على الترتيب ليس بثابت، وأصله
عند أبي داود، والحاكم بغير صيغة ترتيب. انتهى.
قال: فأمَّا من يرى: أن مريم صدّيقة، وليست بنبيَّة فلهم في تأويل هذه
الأحاديث طريقان:
أحدهما: أن معناها: أن كل واحدة من أولئك النساء الأربع خير عالم
زمانها، وسيدة وقتها.
وثانيهما: أن هؤلاء النسوة الأربع من أفضل نساء العالم، وإن كنَّ في
أنفسهن على مزايا متفاوتة، ورُتَب متفاضلة، وما ذكرناه: أوضح وأسلم. والله
أعلم. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (?).
وقال الطيبيّ رحمه الله: الضمير الأول يعود على الأمة التي كانت فيها مريم،
والثاني على هذه الأمة، قال: ولهذا كرر الكلام تنبيهًا على أن حُكم كل واحدة
منها غير حكم الأخرى.
قال الحافظ: ووقع عند مسلم من رواية وكيع عن هشام في هذا
الحديث: "وأشار وكيع إلى السماء والأرض"، فكأنه أراد أن يبيّن أن
المراد: نساء الدنيا، وأن الضميرين يرجعان إلى الدنيا، وبهذا جزم القرطبيّ
أيضًا.
وقال الطيبيّ: أراد أنهما خيرُ مَن تحت السماء وفوق الأرض من النساء،
قال: ولا يستقيم أن يكون تفسيرًا لقوله: "نسائها"؛ لأن هذا الضمير لا يصلح
أن يعود إلى السماء، كذا قال، وَيحْتَمِل أن يريد أن الضمير الأول يرجع إلى