بإسناد صحيح عن ابن عباس: "أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم

وآسية"، وعند الترمذي بإسناد صحيح عن أنس: "حسبك من نساء العالمين"

فَذَكرهن، وللحاكم من حديث حذيفة؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه ملَك فبشّره أن

فاطمة سيدة نساء أهل الجنة (?).

(قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: وَأَشَارَ وَكِيعٌ إِلَى السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) قال النوويّ رحمه الله:

أراد وكيع بهذه الإشارة تفسير الضمير في "نسائها"، وأن المراد به جميع نساء

الأرض؛ أي: كلّ من بين السماء والأرض من النساء، والأظهر أن معناه: أن

كل واحدة منهما خير نساء الأرض في عصرها، وأما التفضيل بينهما فمسكوت

عنه، قال القاضي عياض: ويَحْتَمِل أن المراد: أنهما من خير نساء الأرض،

والصحيح الأول. انتهى (?).

وقال القرطبيّ: قوله: "خير نسائها مريم. . . إلخ" هذا الضمير عائد على

غير مذكور؛ لكنه تفسّره الحال والمشاهدة؛ يعني به: الدنيا، وفي رواية:

وأشار وكيع إلى السماء والأرض- يريد الدُّنيا- كأنه يفسر ذلك الضمير، فكأنه

قال: خير نساء الدنيا: مريم بنت عمران. وهذا نحو حديث ابن عباس

المتقدِّم، الذي قال فيه: "خير نساء العالمين: مريم". ويشهد لهذه الأحاديث

في تفضيل مريم: قول الله تعالى حكاية عن قول الملائكة لها: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 42]، فظاهر القرآن والأحاديث

يقتضي: أن مريم أفضل من جميع نساء العالم، من حواء إلى آخر امرأة تقوم

عليها الساعة، ويعتضد هذا الظاهر: بأنها صدّيقة ونبيّة بلَّغتها الملائكةُ الوحي

عن الله تعالى بالتكليف، والإخبار، والبشارة، وغير ذلك؛ كما بلَّغته سائر

الأنبياء، فهي إذًا نبيَّة، وهذا أَولى مِن قول من قال: إنها غير نبيَّة، وإذا ثبت

ذلك، ولم يُسمع في الصحيح أن في النساء نبئة غيرها فهي أفضل من كل

النساء الأولين والآخرين؛ إذ النبي أفضل من الولي بالإجماع، وعلى هذا فهي

أفضل مطلقًا، ثم بعدها في الفضيلة فاطمة، ثم خديجة، ثم آسية، وكذلك رواه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015