أنها للتهديد، ومعناها قَرُب منكم ما تكرهونه، ومنه قوله تعالى: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34)} [القيامة: 34] أي: قاربك ما تكره، فاحذره، مأخوذ من الْوَلْيِ،

وهو القرب. انتهى (?).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "أولى" هي كلمة تهديد، ووعيد، وإذا كررت

كان التهديد أعظم، كما قال تعالى: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى}، وهذا المقام الذي قامه

النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان مقاماً هائلاً مخوفاً، ولذلك قال أنس - رضي الله عنه - في الرواية السابقة:

"بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أصحابه شيء، فخطب، فقال: عُرضت عليّ الجنة

والنار، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً،

ولبكيتم كثيراً قال: فما أتى على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أشدُّ منه ... "

الحديث (?).

(وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ عُرِضَتْ) بالبناء للمفعول، (عَلَيَّ الْجَنَّةُ

وَالنَّارُ آنِفاً) بالمدّ، ويجوز بالقصر؛ أي: الساعةَ، من قولك: استأنفت؛ أي:

ابتدأت، ومنه قوله تعالى: {مَاذَا قَالَ آنِفًا} [محمد: 16]؛ أي: في وقت يقرب

منّا، قاله في "العمدة" (?)، وقال النوويّ: المشهور فيه المدّ، ويقال: بالقصر،

وقرئ بهما في السبع، والأكثرون بالمدّ (?).

(فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ) بضم العين؛ أي: جانبه، وفي رواية: "لقد

مثّلت"، وفي رواية: "لقد صُوِّرت".

قال في "العمدة": [فإن قلت]: انطباع الصورة إنما يكون في الأجسام

الصقيلة.

[قلت]: هذا من حيث العادة، فلا يمتنع خرق العادة، لا سيما في حقّ

هذا النبيّ العظيم - صلى الله عليه وسلم -، ومع هذا هذه قصة أخرى وقعت في صلاة الظهر، وتلك

في صلاة الكسوف، ولا مانع أن تُرَى الجنة والنار مرتين، وأكثر، على صور

مختلفة.

وقال القرطبيّ: ليس من المحال إبقاء هذه الأمور على ظواهرها، لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015