واستحضار العظمة الإلهية، على وجه لَمْ يجتمع لغيره، ويشير إلى ذلك
قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: في حديث عائشة - رضي الله عنها -: "إن أتقاكم، وأعلمكم بالله لأنا". انتهى (?).
(قَالَ) أنس - رضي الله عنه - (فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْهُ)؛
أي: من ذلك اليوم الذي خطب النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه هذه الخطبة البليغة، (قَالَ) أنس
(غَطَّوْا) بفتح الطاء المشدّدة، وأصله: غَطَّيُوا بوزن تكلّموا، فقُلبت الياء ألفًا؛
لتحرّكها، وانفتاح ما قبلها، ثمّ حُذفت لالتقائها ساكنة مع واو الضمير؛ أي:
ستروا (رُؤُوسَهُمْ، وَلَهُمْ خَنِينٌ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - - إلملّهُ: هو بالخاء المعجمة، هكذا هو
في معظم النُّسخ، ولمعظم الرواة، ولبعضهم بالحاء المهملة، وممن ذكر
الوجهين القاضي عياض، وصاحب "التحرير"، وآخرون، قالوا: ومعناه
بالمعجمة: صوت البكاء، وهو نوع من البكاء دون الانتحاب، قالوا: وأصل
الخنين: خروج الصوت من الأنف كالحنين - بالمهملة - من الفم، وقال
الخليل: هو صوت فيه غُنّة، وقال الأصمعيّ: إذا تردّد بكاؤه، فصار في حوته
غُنّة فهو خنين، وقال أبو زيد: الخنين مثل الحنين، وهو شدة البكاء. انتهى (?).
وقال في "العمدة": قوله: "لهم حنين" بالحاء المهملة في رواية
الأكثرين، وفي رواية الكشميهنيّ بالخاء المعجمة، قال النوويّ: هكذا في
معظم النُّسخ، ولمعظم الرواة؛ يعني: بالمعجمة، قال القرطبيّ: وهو المشهور،
وهو خروج الصوت من الأنف بغنة، وفي "التوضيح": وعند العذريّ بحاء
مهملة، وممن ذكرها القاضي، وصاحب "التحرير"، وذكر القزاز أنه قد يكون
الحنين والخنين واحدًا، إلَّا أن الذي بالمهملة من الصدر، وبالمعجمة من
الأنف، وقال ابن سِيدهْ: الحنين من بكاء النساء دون الانتحاب، وقيل: هو
تردد البكاء حتى يصير في الصوت غنة، وقيل: هو رفع الصوت بالبكاء، وقيل:
هو صوت يخرج من الأنف حتى يَخِنّ، والخنين أيضًا الضحك، إذا أظهره
الإنسان، فخرج خافيًا، وقال في الحاء المهملة: الحنين: الشديد من البكاء،
والطرب، وقيل: هو صوت الطرب، كان ذلك عن حزن، أو فَرَح. وقال
الخطابيّ: الحنين: بكاء دون الانتحاب.