يرجع إلى الجدر". وفي غير هذه الرواية (?): "فاستوعى للزبير حقّه". انتهى (?).
[تنبيه]: ذكر البخاريّ رحمه الله تعالى في "صحيحه" بعد سوقه الحديث
من طريق ابن جريجٍ، عن الزهريّ ما نصّه: فقال لي ابن شهاب: فقدّرت
الأنصار والناس قول النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اسق، ثم احبس حتى يرجع إلى الجَدْر،
وكان ذلك إلى الكعبين. انتهى.
قال في "الفتح": قوله: "فقال لي ابن شهاب" القائل هو ابن جريجٍ،
راوي الحديث. وقوله: "وكان ذلك إلى الكعبين"؛ يعني: أنهم لَمّا رأوا أن
الجدر يختلف بالطول والقصر، قاسوا ما وقعت فيه القصّة، فوجدوه يبلغ
الكعبين، فجعلوا ذلك معيارًا لاستحقاق الأول، فالأول.
والمراد بالأول هنا: من يكون مبدأ الماء من ناحيته. وقال بعض
المتأخرين من الشافعيّة: المراد: من لَمْ يتقدمه أحد في الغِرَاس بطريق
الأحياء، والذي يليه من أحيا بعده، وهَلُمَّ جَرًّا. قال: وظاهر الخبر أن الأول
من يكون أقرب إلى مجرى الماء، وليس هو المرادَ.
وقال ابن التين: الجمهور على أنَّ الحكم أن يُمْسِك إلى الكعبين، وخصَّه
ابن كنانة بالنخل والشجر، قال: وأما الزروع فإلى الشِّرَاك. وقال الطبري:
الأراضي مختلفة، فيُمسك لكل أرض ما يكفيها؛ لأنَّ الذي في قصة الزبير
واقعة عَيْن. واختلف أصحاب مالك: هل يرسل الأول بعد استيفائه جميع
الماء، أو يرسل منه ما زاد على الكعبين؟ والأول أظهر. ومحله إذا لَمْ يبق له
ول حاجة. والله أعلم.
وقد وقع في مرسل عبد الله بن أبي بكر في "الموطأ": "أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قضى في مسيل مَهْزُور، ومُذَينب أن يمسك حتى يبلغ الكعبين، ثم يرسل
الأعلى على الأسفل". و"مهزور" - بفتح أوله، وسكون الهاء، وضم الزاي،
وسكون الواو، بعدها راء. و"مُذينب" - بذال معجمة، ونون بالتصغير -: واديان
معروفان بالمدينة. وله إسناد موصول في غرائب مالك للدارقطني، من حديث
عائشة، وصححه الحاكم، وأخرجه أبو داود، وابن ماجة، والطبري من حديث