عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وإسناد كلّ منهما حسن.

وأخرج عبد الرزاق هذا الحديث المرسل، بإسناد آخر موصول، ثم رَوَى

عن معمر، عن الزهري قال: نظرنا في قوله: "احبس الماء حتى يبلغ الجدر"،

فكان ذلك إلى الكعبين. انتهى.

وقد رَوَى البيهقي من رواية ابن المبارك، عن معمر قال: سمعت غير

الزهري يقول: نظروا في قوله: "حتى يرجع إلى الجدر"، فكان ذلك إلى

الكعبين، وكأن معمرًا سمع ذلك من ابن جريجٍ، فأرسله في رواية عبد الرزاق،

وقد بيَّن ابن جريجٍ أنه سمعه من الزهري. ووقع في رواية عبد الرَّحمن بن

إسحاق: "احبس الماء إلى الجدر، أو إلى الكعبين"، وهو شك منه، والصواب

ما رواه ابن جريجٍ. وذكر الشاشي من الشافعية أن معنى قوله: "إلى الجدر"؛

أي: إلى الكعبين، وكانه أشار إلى هذا التقدير، وإلا فليس الجدر مرادفًا

للكعب. انتهى (?).

قَالَ عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - (فَقَالَ الزُّبَيْرُ) - رضي الله عنه - (وَاللهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ

الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ) قال في "الفتح": ووقع في رواية ابن جريجٍ: "فقال

الزبير: والله إن هذه الآية أُنزلت في ذلك"، وفي رواية عبد الرَّحمن بن

إسحاق: "ونزلت: {فَلَا وَرَبِّكَ} الآية [النساء: 65] ".

والراجح رواية الأكثر، وأن الزبير كان لا يجزم بذلك. لكن وقع في

رواية أم سلمة عند الطبري، والطبراني، الجزم بذلك، وأنها نزلت في قصة

الزبير وخصمه، وكذا في مرسل سعيد بن المسيِّب، الذي تقدمت الإشارة إليه.

وجزم مجاهد، والشعبي بأن الآية إنما نزلت فيمن نزلت فيه الآية التي

قبلها، وهي قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} الآية [النساء: 60]. فرَوَى

إسحاق بن راهويه في "تفسيره" بإسناد صحيح، عن الشعبي قال: كان بين رجل

من اليهود، ورجل من المنافقين خصومة، فدعا اليهوديّ المنافق إلى النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛

لأنه على عِلْم أنه لا يقبل الرشوة، ودعا المنافق اليهوديّ إلى حُكّامهم؛ لأنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015