اللامُ، وبعضهم يقدّر بعد الكلام المصدّر بالمكسورة، مثل ما قبلها مقرونًا

بالفاء، فيقول في قوله مثلًا: اضربه إنه مسيء: اضربه إنه مسيء، فاضربه، ومن

شواهده: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} الآية [الإسراء: 32]، ولم يُقرأ هنا إلَّا

بالكسر، وإن جاز الفتح في العربية، وقد ثبت الوجهان في قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)} [الطور: 28]، قرأ نافع،

والكسائي: {إِنَّهُ} بالفتح، والباقون بالكسر. انتهى (?).

(فَـ) عند ذلك (تَلَوَّنَ)؛ أي: تغيَّر (وَجْهُ نَبِيِّ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وهو كناية عن

الغضب، والتألّم من كلمته، زاد عبد الرَّحمن بن إسحاق في روايته: "حتى

عرفنا أن قد ساءه ما قال".

والمعنى: أن وجهه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تغيّر من شدّة الغضب؛ لانتهاك حرمات النبوة،

وقُبح كلام هذا الإنسان.

(ثُمَّ) إنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد ذلك حَكَم للزبير باستيفاء حقّه، فـ (قَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ("يَا زُبَيْرُ

اسْقِ) بالضَّبطين المتقدّمين، (ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ) بكسر الباء الموحّدة: أمْر من

الحَبْس؛ أي: أمْسِكه، ولا تُرسله إليه (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْر")؛ أي: إلى أن

يصير الماء إلى الجدر، بفتح الجيم وكسرها، وبالدال المهملة، وهو: الجدار،

وجَمْع الجدار: جُدُر ككتاب وكتب، وجَمْع الْجَدْر: جُدُور؛ كفلس وفلوس

ومعنى يرجع إلى الجدر: أي: يصير إليه، والمراد بالجدر: أصل

الحائط. وقيل: أصول الشجر، والصحيح الأول. وقدَّره العلماء أن يرتفع الماء

في الأرض كلها حتى يبتلّ كعب رِجْلِ الإنسان، فلصاحب الأرض الأُولى التي

تلي الماء أن يحبس الماء في الأرض إلى هذا الحدّ، ثم يرسله إلى جاره الذي

وراءه، وكان الزبير صاحب الأرض الأولي، فَأَدَلّ عليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقال:

"اسق، ثم أرسل الماء إلى جارك"؛ أي: اسق شيئًا يسيرًا، دون قَدْر حقك، ثم

أرسله إلى جارك؛ إدلالًا على الزبير، ولعِلمه بأنه يرضى بذلك، ويُؤْثِر الإحسان

إلى جاره، فلما قال الجار ما قال، أمره أن يأخذ جميع حقه. انتهى (?).

وقال في "الفتح": "الجدر" - بفتح الجيم، وسكون الدال المهملة - هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015