للزبير حقه، في صريح الحكم"، فمجموع الطرق دالّ على أنَّه أمر الزبير أولًا

أن يترك بعض حقه، وثانيًا أن يستوفي جميع حقه. انتهى (?).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?): والمخاصمة إنما كانت في السقي بالماء الذي

يسيل فيها، وكان الزبير يتقدّم شَربه على شَرب الأنصاريّ، فكان الزبير يُمسك

الماء لحاجته، فطلب الأنصاريّ أن يُسرّحه له قبل استيفاء حاجته، فلما ترافعا

إلى النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سلك النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معهما مسلك الصلح، فقال له: "اسق يا زبير"

(ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ")؛ أي: تساهل في سقيك، وعجّل في إرسال الماء

إلى جارك، يحُضّه على المسامحة والتيسير. (فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ) لمّا سمع

بهذا، ولم يرضَ به" لأنه كان يريد أن لا يُمسك الماء أصلًا، وعند ذلك نَطَق

بالكلمة الجائرة، المهلكة الفاقرة. (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ )

- بفتح همزة "أَنْ " - وهي للتعليل؛ كأنه قال: حكمتَ له بالتقديم، لأجل أنه

ابن عمتك؛ أي: لأنَّ أم الزبير: هي صفية بنت عبد المطلب، عمّة النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقال البيضاوي: يُحذف حرف الجر من "أَنْ" كئيرًا، تخفيفًا، والتقدير: لأنَّ

كان، أو بأن كان، ونحوُهُ: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14)} [القلم: 14]؛ كما أي: لا

تطعه لأجل ذلك.

وحكى القرطبي تبعًا لعياض أن همزة "أن" ممدودة، قال: لأنه استفهام

على جهة إنكار. قال الحافظ: ولم يقع لنا في الرواية مَدٌّ، لكن يجوز حذف

همزة الاستفهام.

وحكى الكرماني: "إِنْ كان" - بكسر الهمزة - على أنَّها شرطية، والجواب

محذوف. قال الحافظ: ولا أعرف هذه الرواية، نَعَم وقع في رواية

عبد الرَّحمن بن إسحاق: فقال: "اعدِل يا رسول الله، وإن كان ابن عمتك"،

والظاهر أن "إِنْ" هذه بالكسر، و"ابْنَ" بالنصب على الخبرية.

ووقع في رواية معمر عند البخاريّ: "أنه ابن عمتك". قال ابن مالك:

يجوز في "أنه" - بفتح الهمزة، وكسرها -؛ لأنَّها وقعت بعد كلام تام، مُعَلَّل

بمضمون ما صُدِّر بها، فإذا كُسرت قُدّر ما قبلها الفاءُ، وإذا فتحت قُدّر ما قبلها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015