(المسألة الرابعة): حاصل ما ذُكر في هذه الأحاديث من آداب الرؤيا

المكروهة أربعة أشياء: أن يتعوذ بالله من شرّها، ومن شر الشيطان، وأن يتفل

حين يَهُمث من نومه عن يساره ثلاثًا، ولا يذكرها لأحد أصلًا، ووقع عند

الشيخين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- خامسةٌ، وهي الصلاة، ولفظه: "فمن رأى

شيئًا يكرهه، فلا يقصّه على أحد، وليقم، فليصلّ"، لكن لم يصرح البخاريّ

بوصله، وصرح به مسلم، كما سيأتي.

وغفل القاضي أبو بكر ابن العربيّ، فقال: زاد الترمذي على "الصحيحين"

بالأمر بالصلاة. انتهى.

وزاد مسلم سادسةً، وهي التحول عن جنبه الذي كان عليه.

وفي الجملة فتكمل الآداب ستة: الأربعة الماضية، والصلاة، والتحول.

قال الحافظ: ورأيت في بعض الشروح ذَكَر سابعةً، وهي قراءة آية

الكرسيّ، ولم يذكر لذلك مستندًا، فإن كان أخذه من عموم قوله في حديث أبي

هريرة: "ولا يقربنك شيطان"، فيتّجه، وينبغي أن يقرأها في صلاته

المذكورة (?)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الخامسة): فيما قاله العلماء من الحكمة في الأمر بالاستعاذة،

وغيرها:

قال في "الفتح": قد ذكر العلماء حكمة هذه الأمور، فأما الاستعاذة بالثه

من شرها فواضح، وهي مشروعة عند كل أمر يكره.

وأما الاستعاذة من الشيطان: فَلِمَا وقع في بعض طرق الحديث أنها منه،

وأنه يُخَيِّل بها لقصد تحزين الآدميّ، والتهويل عليه، كما تقدم.

وأما التفل: فقال عياض: أمر به طردًا للشيطان الذي حضر الرؤيا

المكروهة؛ تحقيرًا له، واستقذارًا، وخُصّت به اليسار؛ لأنها محل الأقذار،

ونحوها، قال الحافظ: والتثليث للتأكيد.

وقال القاضي أبو بكر ابن العربيّ: فيه إشارة إلى أنه في مقام الرُّقية؛

ليتقرر عند النفس دَفْعه عنها، وعَبَّر في بعض الروايات بالبصاق؛ إشارةً إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015