6 - (ومنها): أنه استُدِلّ به أيضًا على أن للوهم تأثيرًا في النفوس، لأن

التفل، وما ذُكر معه يدفع الوهم الذي يقع في النفس من الرؤيا، فلو لم يكن

للوهم تأثير لَمَا أَرشد إلى ما يدفعه، وكذا في النهي عن التحديث بما يكره لمن

يكره، والأمر بالتحديث بما يحب لمن يحب.

7 - (ومنها): أنه وقع في حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- عند البخاريّ:

"وإذا رأى غير ذلك مما يكره، فإنما هي من الشيطان"، قال في "الفتح": ظاهر

الحصر أن الرؤيا الصالحة لا تشتمل على شيء مما يكرهه الرائي، ويؤيده

مقابلة رؤيا البشرى بالحلم، وإضافة الحلم إلى الشيطان، وعلى هذا ففي قول

أهل التعبير، ومن تبعهم: إن الرؤيا الصادقة قد تكون بشرى، وقد تكون إنذارًا

نظرٌ؛ لأن الإنذار غالبًا يكون فيما يكره الرائي.

ويمكن الجمع بأن الإنذار لا يستلزم وقوع المكروه، وبأن المراد بما

يكره ما هو أعمّ من ظاهر الرؤيا، ومما تعبَّر به.

وقال القرطبيّ في "المفهم": ظاهر الخبر أن هذا النوع من الرؤيا- يعني:

ما كان فيه تهويل، أو تخويف، أو تحزين- هو المأمور بالاستعاذة منه؛ لأنه

من تخيلات الشيطان، فإذا استعاذ الرائي منه صادقًا في التجائه إلى الله تعالى،

وفَعَل ما أُمر به من التفل، والتحول، والصلاة، أذهب الله عنه ما به، وما

يخافه من مكروه ذلك، ولم يصبه منه شيء.

وقيل: بل الخبر على عمومه فيما يكرهه الرائي، بتناول ما يتسبب به

الشيطان، وما لا تسبُّب له فيه، وفِعل الأمور المذكورة مانع من وقوع المكروه،

كما جاء أن الدعاء يدفع البلاء، والصدقة تدفع ميتة السوء، وكل ذلك بقضاء الله

وقدره، ولكن الأسباب عادات، لا موجودات (?)، وأما ما يرى أحيانًا مما

يُعجب الرائي، ولكنه لا يجده في اليقظة، ولا ما يدل عليه، فإنه يدخل في

قسم آخر، وهو ما كان الخاطر به مشغولًا قبل النوم، ثم يحصل النوم، فيراه،

فهذا قسم لا يضرّ، ولا ينفع (?)، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015