استقذاره، وقد ورد بثلاثة ألفاظ: التفث، والتفل، والبصق.

قال النوويّ في الكلام على النفث في الرقية تبعًا لعياض: اختُلِف في

التفث، والتفل، فقيل هما بمعنى، ولا يكونان إلا بريق.

وقال أبو عبيد: يُشترط في التفل ريق يسير، ولا يكون في التفث، وقيل:

عكسه، وسئلت عائش -رضي الله عنهما- عن التفث في الرقية، فقالت: كما ينفث آكل

الزبيب، لا ريق معه، قال: ولا اعتبار بما يخرج معه من بلّة بغير قصد، قال:

وقد جاء في حديث أبي سعيد في الرقية بفاتحة الكتاب، فجعل يجمع بُزاقه،

قال عياض: وفائدة التفل التبرك بتلك الرطوبة، والهواء، والتفث المباشر للرقية

المقارن للذِّكر الحسن، كما يتبرك بغسالة ما يُكتب من الذِّكر والأسماء.

وقال النوويّ أيضًا: أكثر الروايات في الرؤيا: "فلينفث"، وهو نفخ لطيف

بلا ريق، فيكون التفل، والبصق محمولين عليه، مجازًا.

قال الحافظ: لكن المطلوب في الموضعين مختلف؛ لأن المطلوب في

الرقية التبرك برطوبة الذِّكر كما تقدم، والمطلوب هنا طرد الشيطان، وإظهار

احتقاره، واستقذاره، كما نقله هو عن عياض، كما تقدم، فالذي يجمع

الثلاثة: الحمل على التفل، فإنه نفخٌ معه ريق لطيف، فبالنظر إلى النفخ قيل

له: تفث، وبالنظر إلى الريق قيل له: بصاق.

قال النوويّ: وأما قوله: "فإنها لا تضرّه" فمعناه أن الله تعالى جَعَل ما

ذُكر سببًا للسلامة من المكروه المترتب على الرؤيا، كما جعل الصدقة وقاية

للمال. انتهى.

وأما الصلاة: فَلِمَا فيها من التوجه إلى الله تعالى، واللجأ إليه، ولأن في

التحرّم بها عصمة من الأسواء، وبها تكمل الرغبة، وتصح الطَّلِبة؛ لِقُرْب

الصلي من ربه عزوجل زعند سجوده.

وأما التحول: فللتفاؤل بتحول تلك الحال التي كان عليها، قال النوويّ:

وينبغي أن يُجمع بين هذه الروايات كلِّها، وَيعْمَل بجميع ما تضمّنه، فإن اقتصر

على بعضها أجزأه في دفع ضررها بإذن الله تعالى، كما صرَّحت به الأحاديث.

قال الحافظ: لم أر في شيء من الأحاديث الاقتصار على واحدة، نعم

أشار المهلَّب إلى أن الاستعاذة كافية في دَفْع شرّها، وكأنه أخذه من قوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015