وهو العارف بتأويلها، فانه يُعْلِمه بما يُعَوِّل عليه في ذلك، أو يسكت، وأما

الحبيب فإن عرف خيرًا قاله، هان جهل، أو شكّ سكت.

قال الحافظ: والأَولى الجمع بين الروايتين، فإن اللبيب عُبِّر به عن

العالِم، والحبيب عُبّر به عن الناصح، وسيأتي عند مسلم في حديث أبي سعيد:

"فليحمد الله عليها، ولْيُحَدِّث بها" (?).

(وَالْحُلْمُ) - بضم الحاء المهملة، وسكون اللام، وقد تضمّ-: ما يراه

النائم، ولم يَحْكِ النوويّ غير السكون، يقال: حَلَم بفتح اللام، يحلُم بضمها،

وأما من الحلم بكسر أوله، وسكون ثانيه، فيقال: حَلُم بضم اللام، وجَمْع

الحلُم بالضم، والحِلْم بالكسر: أحلام (?).

(مِنَ الشَّيْطَانِ) إضافة الحلم إلى الشيطان، بمعنى أنها تناسب صفته، من

الكذب، والتهويل، وغير ذلك، بخلاف الرؤيا الصادقة، فأضيفت إلى الله

إضافةَ تشريف، هان كان الكلّ بخلق الله تعالى، وتقديره، كما أن الجميع

عباد الله، ولو كانوا عُصاة، كما قال تعالى: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ}

الآية [الزمر: 53]، ، وقوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} الآية

[الحجر: 42] (?).

وقال المهلّب: سَمَّى الشارع الرؤيا الخالصة من الأضغاث صالحة،

وصادقةً، وأضافها إلى الله تعالى، وسَمَّى الأضغاث حُلُمًا، وأضافها إلى

الشيطان؛ إذ كانت مخلوقة على شاكلته، فأعلمَ الناس بكيده، وأرشدهم إلى

دفعه؛ لئلا يُبْلغِوه أَرَبه في تحزينهم، والتهويل عليهم.

وقال أبو عبد الملك: أضيفت إلى الشيطان؛ لكونها على هواه، ومراده.

وقال ابن الباقلانيّ: يخلق الله الرؤيا الصالحة بحضرة الملك، ويخلق

الرؤيا التي تقابلها بحضرة الشيطان، فمن ثَمّ أضيفت إليه، وقيل: أضيفت إليه؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015