كافرًا، أو كان الشعر هو الغالب عليه، أو كان شعره هذا من المذموم،
وبالجملة فتسميته شيطانًا إنما هو في قضية عين تتطرق إليها الاحتمالات
المذكورة، وغيرها، ولا عموم لها، فلا يُحتج بها، والله أعلم. انتهى (?).
4 - (ومنها): أن ابن أبي جمرة: ألحق بامتلاء الجوف بالشعر المذموم
حتى يشغله عما عداه من الواجبات والمستحبات الامتلاء من السجع مثلًا،
ومن كل علم مذموم، كالسحر، وغير ذلك من العلوم التي تُقسي القلب،
وتشغله عن الله تعالى، وتُحدث الشكوك في الاعتقاد، وتفضي به إلى
التباغض، والتنافس. انتهى (?).
[تنبيه]: قال في "الفتح": مناسبة هذه المبالغة في ذمّ الشعر أن الذين
خوطبوا بذلك كانوا في غاية الإقبال عليه، والاشتغال به، فزَجَرهم عنه؛ لِيُقبلوا
على القرآن، وعلى ذِكر الله تعالى، وعبادته، فمن أخذ من ذلك ما أُمر به لم
يضره ما بقي عنده، مما سوى ذلك، والله أعلم. انتهى (?).
5 - (ومنها): أن الطحاويّ رحمه الله قال- بعد أن أخرج الأحاديث
المذكورة-: فكره قوم رواية الشعر، واحتجوا بهذه الآثار، قال العينيّ رحمه الله:
أراد بالقوم هؤلاء: مسروقًا، وإبراهيم النخعيّ، وسالم بن عبد الله، والحسن
البصريّ، وعمرو بن شعيب، فإنهم قالوا: يكره رواية الشعر، وإنشاده،
واحتجوا في ذلك بهذه الأحاديث المذكورة، ورُوي ذلك عن عمر بن
الخطاب، وابنه عبد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهم-.
ثم قال الطحاويّ: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا بأس برواية
الشعر الذي لا قَذْعَ (?) فيه، قال العينيّ: أراد بالاخرين: الشعبيّ، وعامر بن
سعد، ومحمد بن سيرين، وسعيد بن المسيِّب، والقاسم، والثوريّ،
والأوزاعيّ، وأبا حنيفة، ومالكًا، والشافعيّ، وأحمد، وأبا يوسف، ومحمدًا،